لم يعد مفيداُ التفكير بصناعة الأمس, بقدر ما هو مفيد في كيفية التأقلم مع الظروف الحالية, في ظل العقوبات والحصار الاقتصادي الظالم الذي استهدف أدق تفاصيل معيشة المواطن وغير ذلك كثير..!
وهذا التأقلم لا ينبغي أن يفرض حالة الاستسلام بقدر ما يفرض سياسة اقتصادية جديدة تقوم بكليتها على المنتج الصناعي والزراعي, اللذين يشكلان حالة الانسجام الكبرى لتأمين حاجة الأسواق وبدائل مستورداتها , هذه بدورها تحتاج سلسلة من الإجراءات ينبغي ترجمتها بصورة أكثر من مستعجلة على الصعيد الرسمي أولاً والصناعي ثانياً , تأخذ في الحسبان سلسلة من الإجراءات, في مقدمتها: تحديد أولويات المرحلة المقبلة , ومن ثم ترجمتها على أرض الواقع وتقديم المقومات التي تبنى عليها, والتي تبدأ بتأمين الحماية الأمنية للمدن الصناعية , وإحداث مجلس أعلى للصناعة, يضم في عضويته كل الجهات المعنية والمرتبطة بتطوير ودعم الصناعة المحلية , والعمل على تحقيق تشاركية إعادة الاعمار مع القطاع الخاص وخاصة في الصناعات الاستراتيجية , إلى جانب وضع سياسة تسمح بجدولة القروض للصناعيين, وفق برنامج زمني يتسم بالوضوح وسهولة التسديد , ومنح الإعفاءات من الضرائب والرسوم , واعتبار فترة الأزمة فترة توقف بما يخص الضرائب والتأمينات الاجتماعية, مع تقديم محفزات ومزايا وتسهيلات تسمح لأصحاب المنشآت الصناعية بإقامة مشروعات جديدة وتطوير القائم منها.
لكن هذه الإجراءات لا تفي بالغرض المطلوب لتحقيق التطور النوعي لصناعتنا الوطنية , بل لابد من إجراءات أخرى ينبغي العمل على تنفيذها, في مقدمتها وضع ضوابط جديدة على المستوردات المماثلة للإنتاج المحلي , والإسراع في إحداث مؤسسات داعمة للقطاع الصناعي , وحاضنات صناعية ملازمة لها , وشركات متخصصة لتسويق المنتج الوطني إلى جانب مؤسسات التدخل الإيجابي الحالية, ناهيك بضرورة إعداد خطة قائمة على التشبيك الصناعي, مهمتها تحقيق التصنيع الغذائي الزراعي ..
ولكن الخطوة الأهم التي تحمل دلالات كل ما ذكر , تتمثل في ضرورة إحداث صندوق خاص لتحقيق التنمية الاجتماعية بكل أبعادها , تمويله مستقل عن التمويل الرسمي , يتبناه القطاع الخاص الوطني من خلال محفزات ورسوم مالية يخصص ريعها لصالح الصندوق الذي يقوم بتنفيذ مشروعات اجتماعية واقتصادية, مهمتها مكافحة الفقر وتوفير فرص عمل مستدامة..
وما ذكرناه (غيض من فيض) لإجراءات ينبغي العمل على تحقيقها لتحفيز المنظومة الصناعية الوطنية بما يلبي حاجات المرحلة المقبلة ,وتحقيق معادلة تأمين بدائل المستوردات بالإمكانات الذاتية , وبذلك نكون قد حطمنا كل العقوبات على صخرة اقتصادنا القوي..!
ISSASAMY68@GMAIL.COM