المشهد الأول:
أن يكون الخوف على أشده من انتشار الكورونا، وأن تُفرَض على الداخلين إلى «قصر العدل» وضع الكمامة، أو شراءها قبل الدخول إلى حرمه، بينما في البهو «العالم فوق بعضها»، وفي قاعة المحامين، وفي الأروقة، وغرف المحاكم، الناس جميعهم بلا كمامات، ولا تباعد اجتماعي ولا من يحزنون، فهذا هو لُبُّ السريالية.
المشهد الثاني:
على الرغم من أن بيع الخبز عبر البطاقة الإلكترونية خفَّف بشكلٍ كبير المُتاجرين بهذه المادة الغذائية الرئيسية، والذين كانوا السبب الأكبر وراء الزحام على الأفران، إلا أن «بِدعة» مُعتمدي البيع المُزوَّدين بأجهزة لقراءة البطاقة «الذكية» جعل الأمر أكثر سوءاً، حيث يتكاثر أعداد المصطفين على الدور، ويتوقَّف البيع، بينما يتم توضيب حصّة المعتمدين، وكأنه تم تشريع المتاجرة بالخبز، والفرن الاحتياطي في صحنايا نموذج ساطع عن تلك اللامعقولية، والعياذ بالله.
المشهد الثالث:
من كثرة «لخبطة» المشاعر لدى معظم السوريين، لم نعد نعرف ماذا نقول للآباء والأمهات عند قدوم مولودهم الجديد، هل نُبارك لهم، أم نفضح ما في قلوبنا بالقول: «الله يسامحكم على هذه العَمْلِة»، لاسيما للموظفين منهم، والذين لا تكفي رواتبهم سعر «حفوضات» وحليب، فما بالكم بالطبابة التي تصاعدت تكاليفها أضعافاً مضاعفة، لذلك تُحس أن مشاعرك «انضربت بالخلّاط» كالكوكتيل المستحيل على أبناء الطبقة الكادحة، فلو كدحت كدحاً وراء كدحٍ لن تستطيع أن تدعو صديقاً على لكأس متة ، إلا إن كنت تعدُّه كأس الخلاص بعد أن تضع فيه بعض الزرنيخ.
المشهد الرابع:
كل شيء انضرب بثلاثة وأربعة وعشرة، إلا رواتب الموظفين التي انضربت على قلبها، وظلَّت محافظة على هزالتها أمام الارتفاعات المتوحّشة للأسعار، ونفسيات بعض التجار، وصمت بعض المعنيين الجائر على الوضع الاقتصادي المزري، لدرجة أنه لم يعد بالإمكان إلا أن تبلع ريقك في هذا القيظ، وتقول بصوتٍ كلثومي الهوى: «ما تصبرنيش.. ما خلاص.. ده أنا فاض بيَّ وملِّيت». وعمتم مساءً