شتان ما بين الطرفين!

في ظل هذه الظروف الضيقة، ظروف الحرب والحصار الاقتصادي على الشعب السوري لتجويعه تتبلور عند شريحة واسعة من المجتمع ثقافة حب الوطن بالأفعال والممارسة وفي الميدان على أرض الواقع… وليست بالشعارات الطنانة الرنانة والاكتفاء بالانتقاد وتكسير الأجنحة ووضع العصي بالعجلات.
الأسبوع الماضي كنا في زيارة لمنطقة القلمون (النبك– دير عطية- يبرود) والقرى التابعة لها.. حقيقة فوجئت بأشخاص ميسوري الحال وغير ميسوري الحال يمارسون حب الوطن بالأفعال وبصمت ويرفضون التواصل مع الوسائل الإعلامية وحتى التعريف بشخصياتهم التي تبقى محصورة داخل مجتمعهم المحلي الضيق، أحدهم من مدينة يبرود يقوم بإعادة تأهيل الشوارع والأرصفة ويقوم بزراعتها على حسابه الشخصي ويستمر برعايتها حتى هذا الوقت بآلياته الخاصة، وآخر يتبرع بالتشارك مع مجلس المدينة لإعادة تأهيل مركز النافذة الواحدة بطراز جميل ومتميز وبتكاليف عالية، وثالث يتبرع بحفر ثلاث آبار ويقدمها لمجلس المدينة ويقوم بشراء ضاغطتي قمامة على حسابه الشخصي ويقدمها للمجلس وعندما التقيته مصادفة وهو في سيارته رفض البوح باسمه أو بما فعل وحاولت أن اقتنص منه بضع كلمات.. لكن من دون فائدة وعندما همّ بالانطلاق بسيارته شبه هارب من الإعلام… قال لي: مهما قدمنا من أموال فهي لا تعادل قيمة نقطة دم واحدة نزفت من شهدائنا على الجبهات… وما أكثر هؤلاء في هذه المنطقة وسبق أن تحدثنا بزاوية عما يقوم به أهل النبك ودير عطية وكامل المنطقة بمثل هذه الأفعال الوطنية التي تعبر بصدق عن الانتماء وحب الوطن بالممارسة وبعيداً عن الشعارات.
في المقابل هناك أشخاص من الميسورين وغيرهم يعمدون إلى السعي وراء مصالحهم الشخصية واستغلال وتسخير الخدمات العامة والمرافق الخدمية والاستفادة منها، وحتى العبث فيها من دون أدنى حس بالمسؤولية وتجدهم في المجالس دائمي الانتقاد وتصغير حجم الخدمات التي تقدمها الوحدات الإدارية والمؤسسات وحتى العبث بهذه المرافق بعيداً عن حس الانتماء في المحافظة على المرافق العامة وشتان ما بين الطرفين ممن يتمتع بحس المبادرة المجتمعية والتطوع للمحافظة على هذه المرافق وبين من يهدرها بدلاً من أن يحافظ عليها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار