الخطة الإنتاجية الزراعية تبدو طموحة على الورق لكن العبرة بالتنفيذ.. الثبات على القمح وتفاوت محدود بين باقي المحاصيل
تشرين – وليد الزعبي:
يتم مع بداية كل موسم زراعي اعتماد وإقرار خطة إنتاج زراعي تتناسب وطبيعة كل محافظة والمتوفر فيها من الموارد المائية والمساحات القابلة للزراعة وتصنيفها، والمتتبع لواقع تلك الخطط يلاحظ أنها موضوعة على الورق بعناية وتبدو إلى حد كبير طموحة، لكن حينما يبدأ التنفيذ تجد أنها ولأغلب المحاصيل باستثناء محصول القمح لا تنسجم مع الواقع، حيث إن كل مزارع يزرع المحاصيل على هواه ومزاجه مدفوعاً بمدى الجدوى والمردودية الأكثر، ولا تعني الكثير من المزارعين اعتبارات تلبية احتياجات السوق بتوازن معقول وأسعار منطقية.
تقليد سنوي
معروف أن الكثير من الفلاحين اعتادوا على زراعة محاصيل بعينها، لذا تجد أن منطقة تشتهر بزراعة محصول أو اثنين بينما غيرها تشتهر بزراعة أخرى، والفلاحون مع طول المدة تجدهم يجيدون عمليات زراعة مثل تلك المحاصيل التقليدية المتكررة كل موسم، ويحققون إنتاجية عالية من حيث الكمية والجودة، لكن ذلك لا يمنعهم أحياناً من إدخال محاصيل أخرى لم يعتادوا عليها من باب التجربة، وخاصةً إذا بدا لهم أنها حققت جدوى مع غيرهم في مناطق زراعية أخرى.
تأمين المستلزمات بالأوقات والكميات والأسعار المناسبة معيار مهم لنجاح تحقيق الخطة
القمح أساسي
يرى فلاحون أن زراعة محصول القمح لا محيد عنها، والجميع يُقبل عليها، وخاصةً في الأراضي المناسبة لها، لافتين إلى أن المردود المتحقق من هذا المحصول بات معقولاً، بينما هناك توجه لزراعة الشعير بمساحات ليست بقليلة، أما زراعة الحمص فهي محدودة لارتفاع التكاليف وقلة الجدوى، فيما زراعة العدس باتت شبه معدومة لانعدام أي جدوى منها.
العلفية محدودة
لا تلاقي زراعة المحاصيل العلفية رواجاً مقبولاً لدى المزارعين، علماً أنها ذات جدوى كبيرة، وخاصة مع ارتفاع أسعار الأعلاف اللازمة للثروة الحيوانية، ولو أن مساحاتها توسعت بالقدر المطلوب لانخفضت تكاليف إنتاج الثروة الحيوانية وتنامت تربيتها، وهنا لا بد من التحفيز على مثل هذه الزراعة بتقديم الدعم بأشكال يمكن دراستها وإقرارها.
الخضار حلّقت
إن زراعة الخضار مستمرة وإن بمساحات متفاوتة بين موسم وآخر، لكن إنتاجها بشكل عام وكما هو ملموس لنا جميعاً بات بأسعار مرتفعة وغير محمولة لمحدودي الدخل، ويرى مهتمون بالشأن الزراعي أن السبب يعود لارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من محروقات وأسمدة وبذور ومواد مكافحة وأجور فلاحة وعمالة.
تكاليف مرهقة
يعد ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي إلى حدود غير معقولة -وفق مزارعين- من العثرات الكبيرة أمام تنفيذ الخطة الإنتاجية الزراعية لمختلف المحاصيل، وهم يأملون من الجهات المعنية توفيرها بالكميات والأوقات المناسبة، والنظر بإمكانية خفض أسعارها قدر المستطاع للتشجيع على التقيد بالخطة، والسعي لتأمين منافذ خارجية لتصدير فائض الإنتاج عن السوق المحلي، وتشجيع التوجه إلى الزراعات التعاقدية التي تضمن للمزارع البيع بأسعار لا تعرضه للخسارة.
الزراعات التعاقدية تضمن إلى حد كبير عدم تعرض الفلاحين للخسارة
تعميم الخطة
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش ذكر أنه بعد إقرار الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم القادم من رئاسة مجلس الوزراء وتعميمها على المحافظات، عقدت اللجنة الزراعية الفرعية في محافظة درعا اجتماعاً لاعتماد الخطة وتعميمها على الدوائر الزراعية والوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية، للبدء بمنح التنظيم الزراعي والعمل على تأمين مستلزمات الإنتاج للموسم من بذار وأسمدة ومحروقات، مبيناً أن خطة الموسم القادم جاءت على توزيع المساحات ضمن مجموعات، وكانت خطة محصولي القمح والشعير ثابتة، بينما باقي المحاصيل والخضار تركت لرغبة الفلاح ضمن المجموعات، وحسب الموازنة المائية الواردة من وزارة الموارد المائية ونسب الإرواء لشبكات الري الحكومية والسدود والينابيع وكذلك الآبار المرخصة، حيث يتم الحفاظ على استدامة الموارد الطبيعية وعدم استنزافها.
متقاربة
ولجهة المقارنة بين خطة الموسم الماضي وخطة الموسم القادم، أوضح مدير الزراعة أن المساحات متقاربة وبتفاوت بسيط، حيث زادت الخطة بنسب قليلة لبعض المحاصيل وزادت لأخرى حسب توفر مصادر المياه ورغبة الفلاح بالزراعة، مؤكداً أن الخطة الزراعية وضعت بناءً على مقترح من اللجان المكانية في كل قرية (جمعية فلاحية ووحدة إرشادية)، وتم اعتمادها كما هي باستثناء محصول القمح الذي يخطط له بشكل مركزي.
الالتزام إيجابي
يشار إلى أن الالتزام بتنفيذ الخطة الإنتاجية الزراعية، لا شك له انعكاسات وآثار إيجابية كثيرة، وقد بيّن مدير الزراعة أنها تتمثل بتوفر منتجات تغطي حاجة السوق ولا تزيد أو تنقص، وتسهم باستقرار الأسعار وتحقيق هامش الربح المطلوب للفلاح، كذلك الحفاظ على الموارد الطبيعية ومن أهمها المياه، إضافة إلى كفاية باقي مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذار ومحروقات.
منح التنظيم
رئيس دائرة الإرشاد الزراعي المهندس محمد الشحادات أشار إلى أن الوحدات الإرشادية تقوم بمراجعة الثبوتيات المقدمة من المزارعين في الموسم السابق للتأكد من صلاحيتها لمنح التنظيم الزراعي الجديد للموسم القادم، لافتاً إلى أن هذه الوثائق مازالت سارية المفعول ولم يطرأ عليها تغيير، فقط يقوم الفلاح بتقديم تعهد خطي بأن أرضه مازالت باسمه ولم يبع منها أو لم يشتر غيرها لتبقى الثبوتيات سارية المفعول، أما إذا اختلفت تلك المعطيات فينبغي أن يقدم الفلاح ثبوتيات جديدة للحصول على تنظيم زراعي جديد للموسم الحالي، وعند حصوله على التنظيم سواء كان إفرادياً أو تعاونياً يستطيع الحصول على مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة ومحروقات.
الالتزام بالخطة يعكس توازناً بين العرض والطلب واستقراراً في الأسعار
أهمية الدورة الزراعية
وتطرق الشحادات إلى الدور الإرشادي لمديرية الزراعة، حيث يتم عقد ندوات للمزارعين لتعريفهم بأهمية الدورة الزراعية وتعاقب المحاصيل النجيلية مع البقولية للبعل والمروي، إضافة إلى تنبيههم بضرورة إدخال المحاصيل العلفية البقولية ضمن الدورة الزراعية، لكونها مصدراً لتثبيت الآزوت الجوي والاستفادة منه بالمواسم اللاحقة، كذلك الاعتماد على محاصيل احتياجها من الماء أقل مقارنة بمحاصيل عالية الاحتياج، والتأكيد على زراعة القمح سواء المروي أو البعل لكونه محصولاً استراتيجياً.
توازن العرض والطلب
الأثر الايجابي لتطبيق الخطة بمكوناتها كلها، حسب رأي رئيس دائرة الإرشاد يتمثل بتحقيق توازن بين العرض والطلب وتأمين تدفق المنتجات بانسيابية تجاه السوق، كذلك تحقيق استدامة بالموارد المائية للمحاصيل وتأمين حاجة المعامل لجهة التصنيع الزراعي من فائض الإنتاج.
مؤشرات
بالنظر إلى أرقام خطة الموسم الجديد المعتمدة في محافظة درعا، يلاحظ أن مساحة القمح المروي ١٠ آلاف هكتار والبعل ٨٦٣١٧ هكتاراً، والشعير ٣٨٩٧٦ هكتاراً، والخضار الشتوية بمساحة ٢٥٢٩ هكتاراً والصيفية ٥٣٤٦ هكتاراً، والخضار الصيفية التكثيفية ٢٦٧٣ هكتاراً، ومساحة البقوليات الغذائية ١٧٧٦٨ هكتاراً، والمحاصيل العلفية (بقولية رعوية) ١١٦٩٣ هكتاراً، أما الطبية والعطرية فمساحتها ٤٠١ هكتار.