الدواء داء الفقير!
الخيارات التي أصبحت مطروحة، إمّا سأقول لك إنّ الدواء مفقود، أو سأقول عُد غداً بعد صدور النشرة الجديدة، أو ستدفع الثمن مضاعفاً، كان ذلك حديث الصيدلاني لمريض قبل يوم واحد من صدور التسعيرة الجديدة للدواء.
هكذا وببساطة صار الدواء تجارة تصيب الفقير بمقتل، والحكاية تجاوزت جميع الصيدليات التي أصبحت تتلّقى تباعاً الأسعار على واتساب، فيزيد من ربح بعضهم وفقر غالبيتهم، ربما هو الارتفاع الثالث أو الرابع هذا العام، وقد يكون أكثر بكثير لأن هناك أدوية تقفز أسعارها من دون قرار، والعبارة الشهيرة لهؤلاء أنّ الدواء مرتبط بسعر صرف الدولار، وإذا لم تكن هناك ارتفاعات لن تكون هناك كميات كافية، بينما التصريحات تؤكد أنّ الدواء متوافر، رغم أن بعض الصيادلة يخفون أنواعاً منه لفرض ما، ويبقى السؤال والغصّة مَن يحاسب، ومَن ينصف المريض الذي صار لِزاماً عليه أن يختار بين رغيف الخبز والدواء؟
المواطن أصبح بين فكي طمع واستغلال، وقرارات ليست في مصلحته، فكلما ارتفع الدولار أو حتى انخفض لا فرق، هناك مطالبات لزيادة الأسعار من قِبل شركات ومعامل الأدوية، يشاركهم أصحاب بعض الصيدليات الذين يتجاوزن التسعيرة بكثير بحجة أنها مفقودة.
لا شكّ هناك تحديات عدة يواجهها قطاع الدواء في بلادنا، ولكن هل الارتفاعات المتتالية تناسب أصحاب الدخل المحدود؟ أليس من المفترض حماية الفقير من غول الغلاء الذي طال كل ما يتعلق بحياته؟ ألم يحن الوقت لوضع حد للجشع والطمع وحماية المواطن من ناحية السعر والنوعية والفعالية؟ وهل تكفي بضعة ضبوط للمتجاوزين والاستغلاليين كما تصرح وزارة الصحة؟
المشكلة لم تعد تتعلق بارتفاع أسعار فقط، وإنما أيضا باحتكار واخفاء، كما يحدث مع المواد الغذائية ليبقى المواطن رهن مزاجية ومصلحة وجيوب بعض من تبقى الأسواق في قبضة يدهم، فإلى مَن يلجأ المريض بعد أن أعياه المرض، وبعد أن استغنى عن زيارة الطبيب توفيراً لمعاينة صارت أيضاً في ميزان التجارة، فهل يستغني أيضاً عن زيارة الصيدليات لاقتناء الدواء ويكتفي بالدعاء؟!