على ما يبدو الظروف التي تمر بها بلدنا صعبة للغاية، وتحمل الكثير من العقد والمشكلات التي أصبحت مستعصية على الحل، في ظل معادلة تحمل ثلاثة أوجه، مرتبطة مع بعضها، الأول- حرب كونية، والثاني- حصار وعقوبات اقتصادية، والثالث- الفساد بصوره المختلفة، ناهيك عن مفردات سلبية أثرت على السلوك الوظيفي والاجتماعي، وكل ذلك وغيره شكّل معضلات أمام القطاعات الاقتصادية والخدمية، وخاصة الإنتاجي منها، وهنا نخص القطاع النسيجي الذي دخل في نفق الخسارات المتلاحقة في ظل تضخم الأسعار الذي لم يشهد ما يشبهه خلال العقود الماضية، ولاسيما القطن المحلوج الذي لم يتجاوز إنتاجه سقف خمسة آلاف طن، وفق إحصائيات رسمية، بينما الحاجة الفعلية لشركات المؤسسة النسيجية تتجاوز 35 ألف طن، والمخطط يقدر بنحو 55 ألف طن ..!
بطبيعة الحال هذه المؤشرات تفتح باب التساؤل على مصراعيه، وخاصة ما يتعلق بتضخم تكلفة المنتج، بسبب عدم إمكانية تحقيق نسب تنفيذ مقبولة لضبط التكاليف، إضافة إلى السؤال الأكبر الذي يكمن في سعر القطن المحلوج الذي يشكل العنصر الرئيسي في تصنيع الغزول..؟
وبالتالي فإن عدم وجود سياسة واضحة، تأخذ كامل سلسلة القيمة المضافة، ابتداءً من القطن المحبوب في المحالج، وصولاً إلى الألبسة الجاهزة، والتي من أهم مقوماتها سياسة تسعير صحيحة، تأخذ بعين الاعتبار، دعم التصنيع على طول السلسلة الصناعية، ولا سيما أن التوجه الحكومي اليوم نحو تخفيف العجز الصناعي، ومعالجة أسبابه وتفعيل مكونات العملية الإنتاجية على اعتبار الصناعة هي الحامل الأكبر للاقتصاد ..
ومما لاشك فيه أن ارتفاع أسعار القطن المحلوج وزيادة تكاليف الإنتاج في الشركات، وخاصة في ظل شح هذه المواد، أدى إلى تضخم واضح في أسعار الغزول والذي يتجاوز في تقديري أكثر من 30% عن القيمة الرائجة في السوق المحلية، وهذا يفرض معادلة جديدة تكمن في عدم قدرة شركات النسيج العامة على إيجاد موطئ قدم لها، أو الحصول على حصة واسعة من السوق المحلية التي يشغلها القطاع الخاص، مع اقتصار دورها في تأمين حاجة الجهات العامة، والتي لا تملك السيولة، ولا حتى القدرة على أن تكون رافعة مالية، وهنا سيواجه الجميع اختناقاً في التدفق المالي على طول السلسلة الصناعية، وارباكاً واضحاً في عملية الإنتاج..!
أمام هذا الواقع ثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها على بساط البحث، وقبله على الواقع الصناعي، ولا سيما أن بلدنا تعاني ولسنوات طويلة مضت من شح الأقطان المحلوجة، ما خطة إدارة المخاطر التي قامت بوضعها الوزارات المعنية منذ بدء الأزمة..؟
وما الخطط البديلة؟ وما السياسات المتبعة لتفعيل عجلة الإنتاج الصناعي وخاصة لجهة التسعير، والمرونة المطلوبة في ظل الظروف الراهنة؟ ولماذا لا يقدم الدعم من بداية السلسلة الإنتاجية لينعكس إيجاباً على طولها ..؟
سمعنا الكثير عنها لكن للأسف الشديد، الخسائر تتعاظم والنسيج السوري يفقد قيمته، والخطر يداهم الجميع والحالة مستعصية..؟!
Issa.samy68@gmail.com