أهمية الزراعات التعاقدية
كثيراً ما يعاني المزارعون، والقائمون على الزراعة، من مشكلات التسويق وتوافر مستلزمات الإنتاج، للوصول إلى المنتج الحقيقي، والسؤال الذي يطرح نفسه:لماذا لا تتحول أشكال التدخلات الإيجابية التي تجريها ” السورية للتجارة الداخلية” حالياً على سبيل المثال، بدلاً من استجرار بعض المحاصيل، إلى العمل بنظام الزراعات التعاقدية، للعديد من المحاصيل الزراعية، فيكون العائد عندها مجزياً لكل أطراف العملية، في تأمين وصول استجرار كامل الإنتاج، وعدم تحكّم التجار به، وتحقيق الضمان للمزارع بتسويق كامل إنتاجه، وضمان المحصول من أي مخاطر خلال مراحل الزراعة وحتى الإنتاج، ويبعده عن القلق الذي يرافق عمله عادة، وتحكم بضعة تجار به.
فالزراعة التعاقدية تعد إحدى الآليات لتحقيق أهداف التنمية الزراعية، بكسرها حلقات الاحتكار، داخل المسلك التسويقي، وتصحيح مسارها، وإزالة التشوهات الجارية بين سعر المزرعة وعائد الوسيط وسعر المستهلك، فنحدّ عندها من معاناة المزارعين، ويتم تأمين عائد مجزٍ للمزارع، والتعاقد معه على بيع محصوله، قبل أن يبدأ في زراعته، وتسجيل العقود بينه وبين الجهات المعنية.
تبرز أهمية الزراعات التعاقدية في تشجيع المزارعين علي زيادة المساحات الزراعية للمحاصيل المهمة والاستراتيجية، كالقمح والقطن والشوندر السكري، وغيرها من المحاصيل العلفية كالشعير والذرة وفول الصويا ووو.. إلخ.
وتساهم في جذب المستثمرين الزراعيين، وتأمين فرص عمل جيدة، وزيادة دخل المزارع، ورفع مستوى جودة الإنتاج الزراعي، ما يحقق تحسين معيشة الفلاحين.
كما تساعد على عملية التعاون والتكامل، والتواصل الزراعي بين أطراف العملية الزراعية، من مزارعين ومشترين وجهات مشرفة، فقطاع الزراعة يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للأمم والشعوب، ولا بد من العمل لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، خلال الفترة المقبلة، وفي مقدمتها القمح والذرة، وجميع المحاصيل العلفية لضمان توفير الأعلاف، ومن ثم ضمان عدم رفع أسعار منتجات اللحوم والدواجن.
بالمحصلة يمكننا أن نوجز أن الزراعة التعاقدية هي الإنتاج الزراعي والحيواني والدواجن أو السمكي، الذي يتم استناداً إلى عقد بين المنتج والمشتري، يلتزم بموجبه المنتج بالتوريد طبقاً للكميات والأصناف والجودة والسعر، وغيرها من الشروط التي يتضمنها العقد، الملزمة لجميع الأطراف، وتالياً حصول المزارع أو المنتج على دفعات مادية متتالية خلال مراحل العمل المختلفة، بدلاً من انتظاره نهاية الموسم الزراعي للحصول على قيمة المحصول المنتج، أو تعرّضه للغبن من خلال احتكار بعض التجار موسمه.
فهل نشهد مستقبلاً تعزيز فكرة الزراعات التعاقدية بين الجهات الرسمية والعاملين في قطاع الزراعة؟