يحلل أغلبنا واقعنا المعيشي ويقيم وضعنا الاقتصادي، وجميعنا مسؤولين ومواطنين نحيط بمعظم أسباب الأزمات ونقدم المقترحات، لكن لا يوجد أي تقدم أو تذليل للصعوبات التي تتشابك وتتعقد يوماً بعد يوم.
أسباب مشكلاتنا كانت أولاً بالإرهاب الممنهج خلال فترة الحرب على سورية والذي تمت معالجة الجزء الأكبر منه بهمة أبطال الجيش العربي السوري، وثانيها الحصار أحادي الجانب وهو أمر تعاني منه الكثير من دول العالم التي انتهجت صون سيادتها والحفاظ على استقلالية قرارها، كما أننا سبق وتعرضنا له في ثمانينات القرن الماضي وحولناه إلى فرصة نقلتنا إلى مصاف الدول المصنعة والمكتفية من كل شيء تقريباً..
ومن أهم العقبات في حياتنا الاقتصادية حالياً هو موضوع نقص حوامل الطاقة، لكن معظم كبريات الدول المنتجة صناعياً وزراعياً هي دول غير نفطية، لكنها عرفت كيف تنظم هذا القطاع الحيوي وتغلبت على العقبات المفاجئة التي تحصل في أسواق الطاقة الدولية من خلال وضع خطط استباقية وبدائل يمكن تنفيذها فور حصول أي طارئ.
منذ الإعلان عن جائحة كورونا ونحن ندور في حلقة مفرغة عنوانها البحث عن الحلول وتقديم الوعود لكن بلا نتائج على الأرض.. ندوات واجتماعات ومؤتمرات كلفت ما يمكنه أن يحل إحدى الأزمات التي نعانيها!.
ربما يكمن السبب الأول في محاولتنا حل جميع مشاكلنا على مستوى الاقتصاد الكلي دفعة واحدة حتى نحقق الأمل في العودة إلى ما قبل الحرب على بلدنا، وهذا ما يؤدي إلى ظهور أمور مفاجئة أثناء تقدم العمل تعيدنا إلى نقطة البدء ما يفقدنا الثقة بما خططناه وأنجزناه لنعود عشرات الخطوات إلى الوراء وتزداد معضلاتنا تعقيداً.
لذلك يمكن أن نقترح في هذا المجال أن يتم وضع برامج زمنية لحل مشكلاتنا كل على حدة وتوجه جميع الإمكانيات والجهود نحوها، وعلى سبيل المثال محصول القمح الذي يشكل أولوية كبرى في ظل الظروف الدولية المعقدة التي تهدد العالم بنقص الإنتاج وانقطاع سلاسل التوريد، فنعمل على تأمين جميع مستلزماته بدءاً بالبذور والمحروقات وانتهاءً بوضع السعر المناسب حتى نقنع فلاحنا بالعودة إلى الإنتاج وتسليم كامل إنتاجه، وهذا لا يحتاج إلى أكثر من سنة عمل واحدة توضع فيها المعايير وتتم محاسبة المقصرين ومكافحة المفسدين، وبعدها يمكن أن ننتقل إلى تنظيم الفوضى في سوق المحروقات، ومعالجة مشكلات النقل التي تشكل حالياً عنصر التكلفة الأكبر في معظم منتجاتنا..
يمكن القول إن مثل هذا المقترح بالبدء بمعالجة التفاصيل الصغيرة تدريجياً وصولاً إلى الحلول الاستراتيجية على مستوى الاقتصاد الكلي غير واقعي لأنه يحتاج إلى الكثير من الوقت، لكن الظروف المحلية والدولية توجب علينا تغيير طرق العمل التي اعتمدناها ولم نصل باستعمالها لأي نتيجة مفيدة والتفكير بطريقة جديدة وعدم تشتيت الجهود انتظاراً لحل سحري شامل..