ملف «تشرين».. العمل العربي المشترك.. بين مطرقة الضغوط السياسية وسندان توحيد الجهود
تشرين – وائل الأمين:
أدرك العالم العربي أهمية العمل المشترك منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945، وكان يتطلع إلى دور مهم على الساحة الدولية يحقق هذه الرؤية، ويمكن القول إن الدول العربية استطاعت وضع خطة لتعزيز التعاون والتنسيق بينها في مختلف المجالات يمكن أن تؤدي إلى تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة، ومع ذلك كانت هناك ضغوط سياسية عديدة تؤثر في هذا العمل المشترك.
ومن بين هذه الضغوط السياسية الانقسامات الداخلية بين الدول العربية والصعوبات التي تواجه الوحدة والتكامل الإقليمي، والتي تتضمن الخلافات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية، وتتعزز هذه الانقسامات بشكل خاص في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة حالياً من صراعات داخلية وتدخلات خارجية وتحديات أمنية واقتصادية واجتماعية.
ومن أمثلة ذلك الخلافات الحدودية والإقليمية والأيديولوجية والدينية والعرقية، وهذه الخلافات تؤثر في جهود التعاون والتنسيق بين الدول العربية، وتعرقل وحدة العمل العربي المشترك في مختلف المجالات، مثل الاقتصاد والأمن والسياسة والثقافة.
كما تواجه الدول العربية ضغوطاً سياسية خارجية، وذلك من الدول الكبرى والقوى الإقليمية التي تسعى إلى تعزيز مصالحها في المنطقة، وتتضمن هذه الضغوط محاولات خارجية لزعزعة الاستقرار في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ولنا مثال على ذلك ما يسمى «الربيع العربي» الذي صنعته القوى الكبرى ليُشعل النار في المنطقة حتى تستطيع هذه القوى تثبيت أطماعها مستغلة حالة التفرقة والضعف العربي بسبب التدخلات الخارجية، إضافة إلى استغلال بعض الدول العربية بصراعات إقليمية ما يؤثر في جهود التعاون والتنسيق بينها، وكذلك استنزاف الموارد العربية في صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
علاوة على ذلك، تواجه الدول العربية تحديات اقتصادية واجتماعية، مثل الفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية، وهذه التحديات تؤثر في الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المنطقة، الذي من شأنه عرقلة جهود وحدة العمل المشترك الذي يتطلع إليه الشعب العربي.
ومن أجل مواجهة هذه الضغوط السياسية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية تحتاج الدول العربية إلى تعزيز التعاون والتنسيق بينها، وتعزيز الحوار والتفاهم المشترك، وتقديم الدعم المتبادل لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة، ويمكن للدول العربية أن تعمل معاً لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وتعزيز التكامل الإقليمي والتنمية المستدامة، والحوار والتفاهم المشترك في قضايا الأمن والسلم الإقليمي.
ومع ذلك، هذه الضغوط السياسية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العمل المشترك، لا تمثل عائقاً أمام جهود التعاون والتنسيق بين الدول العربية، إذ إن تعزيز هذا العمل يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، وتعزيز دور الدول العربية في الساحة الدولية.
ومن خلال تحقيق التوافق والتفاهم بين الدول العربية، يمكن للمنطقة أن تتجاوز التحديات الحالية وتحقق الاستقرار والتنمية المستدامة في المستقبل، وتتطلب هذه الجهود التعاون الوثيق بين الدول العربية، وتعزيز الحوار والتفاهم المشترك، والعمل على تقديم الحلول المشتركة للتحديات التي تواجه المنطقة.
وينعكس هذا التأثير السلبي على مستوى جميع قضايا الأمة، حيث تواجه الدول العربية تحديات عديدة في مختلف المجالات، مثل الأمن والاقتصاد والتنمية والصحة والتعليم والهجرة وغيرها، وتؤثر الضغوط السياسية في القضايا العربية بشكل مباشر عن طريق تعزيز الانقسامات والتوترات بين الدول العربية، ما يعرقل الجهود المشتركة للتغلب على هذه القضايا، كما تؤثر في الاقتصاد، حيث تسعى بعض الدول الكبرى والقوى الإقليمية إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية على حساب الدول العربية، كما تستغل بعضها في صراعاتها الاقتصادية، وهذا يعرقل جهود التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية، ويؤثر بشكل سلبي في التنمية الاقتصادية في المنطقة.
بشكل عام، يمكن القول إن الضغوط السياسية تؤثر بشكل كبير في وحدة العمل العربي المشترك، وتعرقل جهود التعاون والتنسيق بين الدول العربية في مختلف المجالات، وينعكس هذا التأثير السلبي على جميع قضايا الأمة العربية، ما يتطلب تعزيز الحوار والتفاهم المشترك والعمل على تقديم الحلول المشتركة للتحديات التي تواجه المنطقة، والعمل على تجاوز الخلافات والتوترات السياسية وهنا نكون قد وضعنا أساساً لتحقيق الاستقرار والتنمية، وإذا ما تحققت هذه العوامل فسيصبح العرب يداً واحدة في الأروقة الدولية، ويكونون فاعلين في القرارات الدولية المرتهنة للتحالفات والمصالح الغربية، وبما لا يسمح للخارج فرض أجنداته وأطماعه على منطقتنا.
من هنا تبدو قمة جدة بداية للعودة وتفعيل العمل العربي المشترك، فالتحديات الدولية تتطلب إعادة اصطفاف حسب المصالح، ومصالح العرب في العمل المشترك، ولاسيما أن التحولات الدولية في هذا الوقت يمكن أن تكون جيدة بالنسبة لنا كعرب وتعطينا دفعاً حقيقياً للتغلب على كل الماضي وفتح صفحة جديدة عنوانها «العرب.. تحالف استراتيجي طال انتظاره».
اقرأ أيضاً:
ملف «تشرين».. العمل العربي المشترك.. فرصة لصياغة تكتل اقتصادي عربي متين