تعطيل النهوض!
يساهم المجتمع المحلي بفاعلية مع الجهات المعنية للارتقاء بأداء الخدمات في مختلف المجالات، بعد أن تراجع مستواها بشكل حاد بسبب ظروف الحرب التي سادت في السنوات الماضية، لكن هناك من لا يأبه بكل تلك الجهود فيواجه إعادة البناء بالهدم لمنافع ضيقة غير مشروعة.
يعلم الجميع أن المبادرات الأهلية جمعت مبالغ ليست بقليلة، وجرى توظيف معظمها بتشغيل آبار مياه الشرب في العديد من المدن والبلدات على الطاقة الشمسية، وذلك من أجل المساعدة في تأمين احتياجات السكان بالقدر الذي يرفع عنهم أعباء شراء المياه من الصهاريج الجوالة بأثمانٍ باهظة لا قدرة لمعظمهم على تحملها، لكن ما ينغص هذه الأعمال التطوعية هو قيام ضعاف النفوس بين الحين والآخر بنهب ألواح تلك الطاقة معطلاً عملها بالكامل، من دون أي اعتبار لمدى انعكاس ذلك على حرمان أهلهم وذويهم من مياه الشرب.
حالة التعدي نفسها تحدث على منظومات الطاقة البديلة الخاصة بتشغيل المراكز الصحية أو الهاتفية التي ساهم بتقديم بعضها المجتمع المحلي، حيث لا تسلم هي الأخرى من السرقات التي تعطل مصالح الناس بتلقي خدمات الصحة والاتصالات الحيوية، التي قد تبقى معلقة بشكل مؤقت أو دائم حتى يتاح تعويض المسروقات.
قبل عدة أيام تحوّلت إحدى محولات الكهرباء بلحظة إلى خردة بعد قيام مجهولين بإسقاطها من أعلى برج معدني في إحدى بلدات ريف درعا الشرقي، وذلك لسرقة ملفاتها النحاسية وبيعها بثمن زهيد جداً إذا ما قيس بقيمة المحولة الباهظ جداً، كذلك لا تنقطع سرقات كابلات الارتباط الخاصة بالكثير من مراكز التحويل في العديد من المدن والبلدات للاتجار بنحاسها أيضاً، ما يتسبب بحرمان السكان من الخدمة إلى أجل غير معلوم لصعوبة تأمين بديل عن المسروقات من الشركة العامة للكهرباء أو بمساهمة المجتمع المحلي.
وقد تابعت مديرية الموارد المائية يوم أمس حادثة قيام مجهولين بالتعدي على إحدى مضخات الري وسرقة كابلاتها، وما يماثل ذلك حدث مؤخراً في محطات ضخ مياه الشرب بمشروع الأشعري الذي يغذي العديد من التجمعات السكانية، واستدعى استنفار مؤسسة المياه ولعدة أيام حتى تمت المعالجة وبكلف باهظة جداً.
ليست المرة الأولى التي نعرض فيها للتعديات على البنى الخدمية ولن تكون الأخيرة، لكون استمرار حدوثها يضرب عرض الحائط بكل جهود إعادة بناء وتأهيل الخدمات والنهوض بمستواها، ما يستدعي تكاتف الجهود لوضع حدّ للتعديات، والمهم مساهمة المجتمع المحلي بتعرية اللصوص ليصار إلى محاسبتهم وليكونوا عبرةً لغيرهم.