اقتصادنا ومواجهة المستقبل

استقبلت سورية شعباً وقيادة وقائداً الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي بناء على دعوة كريمة من السيد الرئيس بشار الأسد بما يليق بحضارة البلدين وعلاقاتهما القلبية والمبدئية كما صرح السيدان الرئيسان، وتأتي الزيارة لتساهم في دفع العلاقات بينهما إلى الأمام وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الإرهاب والتصدي للعقوبات الجائرة المفروضة ظلماً وعدواناً وبشكل يخالف الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة من طرف واحد يتمثل بالدول الاستعمارية التي تحاول أن تعود إلى وسائلها القديمة لكن بطرق حديثة كما أكد السيد الرئيس بشار الأسد، وسورية بعد أكثر من /12/ سنة من الحرب عليها ونهب مواردها وتدمير مؤسساتها من قبل الأعمال الإرهابية والإرهاب الاقتصادي، سورية  تستقبل رئيس دولة إقليمية فاعلة على رأس  وفد اقتصادي كبير يضم [وزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير النفط ووزير الطرق والتنمية العمرانية ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس مكتب الرئاسة وممثلاً عن مجلس الشورى]، وهذا يساعد في فتح عهد اقتصادي جديد ينعكس إيجاباً على البلدين والشعبين ويعزز موقفهما داخلياً وإقليمياً ودولياً، فهل سيكون ما بعد الزيارة ليس كما قبلها رغم الخطوات والمواقف الإيرانية الكبيرة الداعمة لسورية، وهل ترقى العلاقة الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية والعسكرية؟، وخاصة أن القائدين الكبيرين ركزا على الجانب الاقتصادي، فقد قال السيد الرئيس بشار الأسد: “كان هناك حيز مهم للعلاقات الاقتصادية ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها، والمشاريع التي تمت مناقشتها، وهي كثيرة وعديدة ستعطي دفعاً كبيراً لهذه العلاقات عبر تطوير آليات ترفع مستوى التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين، وتخفف من آثار العقـوبات المفروضة علينا مستفيدين من تغير الخارطة الاقتصادية للعالم وانتقال التوازن تدريجياً باتجاه الشرق والذي من شأنه أن يحرر الاقتصادات الدولية من هيمنة الغرب ويفقد الحصار مفاعيله تدريجياً” .
وأكد الرئيس الإيراني ذلك بقوله: “بحثنا تطوير العلاقات في كل المجالات، ونحن عازمون على تطوير العلاقات بيننا وبين دول المنطقة، كما أن كل مذكرات التفاهم وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية يمكن أن تصب في مصلحة البلدين وفي توسيع العلاقات بينهما”.
إذاً الرؤية والإرادة السياسية واضحة وشفافة في ضرورة دعم سورية اقتصادياً وعودة العجلة الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة والبدء بإعادة الإعمار والبناء وزيادة حجم التبادل التجاري ومعدل الاستثمار وبما يدعم محور المقاومة في مواجهة كل النوايا الشيطانية الأمريكية والأطلسية والصهيونية وغيرها وعودة الأرض السورية وطرد القوى الاحتلالية واستغلال الثروات السورية وتحقيق التكامل بين الاقتصاد السوري والإيراني مع الدول الأخرى وخاصة الصديقة بما يدعم مواجهة القطبية الأحادية والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، ويساهم في هذا انضمام إيران إلى (منظمة شنغهاي) وقريباً إلى مجموعة (البريكس) وهذا هو توجه القيادة السورية أيضاً، فالخارطة الاقتصادية بعد الزيارة أصبحت واضحة وتكمل بل تضيف إلى الاتفاقيات السابقة بعداً استراتيجياً ولا سيما بعد توقيع /15/ اتفاقية في أهم القطاعات الحيوية ومنها [النفط والغاز والكهرباء والصناعة والمناطق الحرة والزراعة والمالية والسياحة والنقل السككي والإعلام والمتاحف والآثار والبحث العلمي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة] وغيرها،  وهنا لا بد من تفعيل عمل القطاع الحكومي من خلال سرعة تنفيذ مشاريعه وأيضاً القطاع الخاص من خلال تفعيل كل من (مجلس الأعمال السوري الإيراني) و(الغرفة السورية الإيرانية المشتركة) وغيرهما، والتوجه للتعامل بالعملات المحلية والبنوك والمصارف المشتركة والمقايضة والتخلص التدريجي من سيطرة الدولار والتوجه شرقاً وخاصة نحو روسيا والصين وبناء وتحقيق التكامل الاقتصادي والعمل لتصفير الرسوم الجمركية بما يسهل في انسياب السلع والخدمات والرساميل والخبرات بين البلدين.
وقد أكد هذا السيد إبراهيم رئيسي حيث قال أمام منتدى اقتصادي  جمع رجال أعمال إيرانيين وسوريين: “لا نعتبر بأي حال من الأحوال أن مستوى النشاط الاقتصادي بين إيران وسورية يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، ونعتقد أنه يجب أن تكون هناك قفزة إلى الأمام في العلاقات التجارية بين البلدين”، وهذا يتطلب تحويل الفرص الكامنة إلى متاحة وتعزيز المزايا النسبية إلى مزايا تنافسية بما يساهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية، وهذا يجب أن يتكامل مع تأمين خطوط ائتمانية وتأسيس شركات مشتركة تجارية واستثمارية وتفعيل مردودية الاستثمارات، ومن خلال حيثيات الزيارة وجدنا أن الإرادة السياسية داعمة للتوجهات الاقتصادية وأن ترقى الإدارة الاقتصادية إلى مستوى الإرادة السياسية، وليس عبثاً أن أحرف كلمتي (الإرادة والإدارة) متطابقة ولكن باختلاف الترتيب، نرجو أن تتكامل العلاقات الاقتصادية والسياسية ويتعمق التوجه شرقاً  كما وجه السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار