مَنْ يراقب «الشليتي»؟!
ربما ما وصل إليه الأغلبية اليوم من قلة حيلة، وحيرتهم في تدبر أمورهم وعدم القدرة على الإيفاء بمتطلبات أسرهم، يمكن عدّه من أصعب ما مرّ علينا طوال السنوات السابقة, يقابل ذلك الواقع جشع مستمر من بعض التجار الذين لم يعد يشبعهم شيء, فهم يسعّرون حسب أمزجتهم بحجة تغيّر سعر الصرف, فتراهم عندما تختل قيمة الليرة يضاعفون أسعارهم، وعندما تعاود التحسن يغفلون ذلك, كأنهم غير معنيين، وليس هناك من يردعهم, ما يجعلنا نتساءل باستمرار عن سبب غياب الرقابة، جزئياً أو كلياً، وغضّها الطرف عما يجري في أسواقنا؟
هذا الواقع يعيد إلى أذهاننا ما كنا نسمعه عن واقع مشابه من حالات فساد حصلت قبل سنوات غابرة, حينها انتشر فساد التجار وتلاعبهم بالأسعار، ما انعكس سلباً على معيشة المواطنين فضاقوا ذرعاً, وارتفعت أصواتهم مطالبين بتشديد الرقابة على هؤلاء التجار ومحاسبتهم، فتم تعيين ما سمي آنذاك “الشليتي” وكانت مهمته مراقبة الأسعار وضبط التجار، لكن الأخيرين استطاعوا كسبه إلى صفهم وإخضاعه لسيطرتهم, ما تطلب حينها تعيين مراقبين على”الشليتية ” أطلقت عليهم تسمية “السرسرية”، إلّا أنّ هؤلاء أيضاً لم يصعب على التجار كسب ودهم وإرضاءهم وحرفهم عن مهمتهم المكلفين بها، فصار المراقبان الاثنان على الشاكلة نفسها، ومنذ ذاك الحين درج مصطلح ” السرسري أخو الشليتي” على حالات التسيب في رقابة الأسواق وفسادها وغضّ الطرف عن ذلك .
اليوم ربما بتنا بحاجة إلى تعيين رقابة على المراقبين أنفسهم ومحاسبتهم في ظل تقصيرهم بمهامهم، لأن بعض المكلفين برقابة الأسواق بات جلّ همهم ما سيحصّلونه من التجار، متناسين مهامهم الأساسية, والبعض منهم ربما يرسل إخباراً إلى التجار قبل موعد “الكبسة” ليأخذوا حذرهم !
وهنا يمكن القول: ترى أليس ما يجري في أسواقنا اليوم مشابهاً لما كان يحصل في زمن “الشليتي”! فأين الجهات المعنية بـ”حماية المستهلك” عنه؟ وأين عناصرها عن أداء مهامهم ومن ينصف المواطن ويراقب “الشليتي”؟!.