يبدو أن اقتحام بيت نانسي بيلوسي كان مقدمة للانتخابات النصفية في أمريكا والتي ستحسم غداً الثلاثاء. فتصوروا لو أن مقتحم المنزل وجد نانسي بالبيت، وهو يحمل مطرقة كسر بها جداراً زجاجياً ليقتحم البيت باحثاً عن نانسي لكنه وجد زوجها نائماً، وانتهت الحادثة بضرب الزوج بالمطرقة على رأسه وتسبب في كسر جمجمته. فماذا لو أنه وجد نانسي العجوز هشة البنية؟ وما كان سيفعل بها بالمطرقة؟ ولكن هناك من يرى أن اقتحام (ديفيد بايب) لبيت بيلوسي بالطريقة التي حصلت يحمل معاني سياسية تتعلق بثمار الديمقراطية الأمريكية في المجتمع الأمريكي. فما هي هذه المعاني؟
أعلن المدعي العام في سان فرنسيسكو، حيث وقع الحادث أن اقتحام بيت بيلوسي كان بـ(دوافع سياسية)
ومن تتبع مجريات الاقتحام يحس المرء بأن ما فعله (ديفيد) يبدو كأنه مقطع من اقتحام مبنى الكونغرس. وكما كان مهاجمو الكونغرس يركضون في الممرات وهم يصرخون باسم نانسي باحثين عنها في الغرف.
الأمر نفسه فعله المهاجم ديفيد في بيتها ركض في الممرات وفتش في الغرف سائلاً أين نانسي. وهذا ما أكد أن الاقتحام ليس شأناً شخصياً بل جزء من صراع سياسي. وأكد هذا الأمر المهاجم عندما أدلى بإفادته بأنه يملك
(قائمة لسياسيين) يريد تأديبهم، لأنهم لصوص وكاذبون ومزوّرون… إلخ. وختم شهادته بالتحقيق بأنه كان يقوم بـ(مهمة انتحارية). إنه افتخار الإر*ها*بيين!!!
من الواضح أن اقتحام بيت بيلوسي جزء من صراع سياسي بين الديمقراطيين والجمهوريين أتباع ترامب، حيث كانت نانسي رأس الحربة ضده، والكل يعرف أنها سعت إلى إبعاده عن البيت الأبيض لعدم كفاءته، وفق المادة الخامسة والعشرين من الدستور، ثم عملت على عزله، وشكلت اللجان لمحاسبته، وكانت دائماً في مواجهته في كل ما أراد القيام به، ومنذ أن أعلن ترامب (سرقة الديمقراطيين) للانتخابات الرئاسية. وبمجرد أن حرض أتباعه للهجوم على الكونغرس بقوة. يتخذ الصراع السياسي في أمريكا شكلاً عنيفاً. وبدأ السياسيون يتلقون التهديدات. وتقول مصادر الشرطة إن هناك أكثر من 1000 تهديد للسياسيين في العام الجاري. وما يؤكد البعد السياسيي للاقتحام، أن المهاجم المقتحم قال إنه لو وجد ناسي في البيت لكان قد (حطم ركبتيها لتضطر إلى الذهاب إلى الكونغرس على كرسي متحرك فتصبح عبرة لمن يعتبر ممن يريدون مخاصمة الجمهوريين)، وهذا ما دفع المراقبين ليروا أن الاقتحام كان بهدف التأثير على الانتخابات النصفية الجارية أيضاً.
لم يكن اختيار المقتحم لـ(المطرقة) عشوائياً بل كان مدروساً ليكون تعبيراً سياسياً واضحاً، لأن (المطرقة) رمز سلطة رئيس أو رئيسة مجلس النواب، وعند فوزها برئاسة مجلس النواب تسلمت نانسي المطرقة بفرح الاحتفال وكانت رمزاً من رموز مباشرتها سلطة ترؤس المجلس، وهذا كما يبدو جعل المقتحم يحمل مطرقة ليكسر بها رأس بيلوسي التي حاربت الجمهوريين واليمين وترامب بمطرقتها. إنها مطرقة مقتحم همجي يريد كسر مطرقة مجلس النواب المنتخب ورمز الديمقراطية الأمريكية.
بات من الواضح أن الديمقراطية الأمريكية تتعرض للانكشاف والانحراف، حيث إن ما زرعته من القيم السياسية، بدأ يترجم بوصول مجنون مثل ترامب إلى الرئاسة، وبدأ يتجلى بالهجوم الهمجي على الكونغرس. وباقتحام إجرامي لبيوت السياسيين وتهديدهم. فهل هذه ثمار الديمقراطية الأمريكية ؟! وكيف تثمر الديمقراطية مثل هذا العنف والتعصب والعنصرية والهمجية؟!.
وهذا ما يتحدى اليوم ما يسمى (القيم الأمريكية) ويكشف عن عمق الانقسام السياسي في المجتمع الأمريكي و يفضح اللجوء إلى العنف السياسي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
هذه هي أمريكا التي فضحها مقتحم بيت بيلوسي… والكل الآن ينتظر، ماذا سيكون رد (الهمج الأمريكيين) على نتائج الانتخابات النصفية إن لم تعجبهم؟.