التهديد بالعصا لا يكفي!!
يبحث بين بسطات الخضار عن ” طبخة اليوم ” بسعر يناسب ما تحتويه جيوبه, يبحث بغصة وهو يقول: هكذا مضت أعمارنا, الأزمات تلاحقنا والأسعار ترتفع بين عشية وضحاها, والجميع يبحث عن حلول, وكل ما نحتاجه إدارة حقيقية لتلك الأزمات بعيداً عن الوعود والتسويف!
مؤخراً طالبت وزارة التجارة الداخلية المستوردين وتجار الجملة الذين يصدِّرون فواتير وهمية, ويتقاضون أسعاراً مرتفعة بأن يتقيدوا بالأسعار التموينية, وإلّا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم!! وطبعاً ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تهدد فيها الوزارة بالعصا!!
لا شك في أن ارتفاع الأسعار هو هاجس المستهلكين باختلاف فئاتهم وقدراتهم, وهنا يكون محور الحديث للمواطن والمسؤول أن تلك الارتفاعات لا تناسب حجم الدخل, من دون التفكير جدياً بحلول جذرية لعلاج تلك المسألة!!
نظرياً؛ من المفترض أن يتحدد سعر أي سلعة من خلال العرض والطلب وما هو متوافر منها, أما على أرض الواقع فإنّ جنون الأسعار من أسبابه المباشرة الاحتكار وغياب المنافسة, وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدني القدرة الشرائية, ولكن ذلك لا يمنع الجشع لدى التجار ومحاولاتهم الحثيثة لجني أرباح عالية والثراء على حساب المواطن, وهو استغلال تدعمه وترافقه حقيقة أن زراعتنا ليست بخير!!
إذا كانت مشكلتنا هي مشكلة التاجر والمستورد فقط, وإذا كانوا هم من يتلاعبون بالأسعار ويحكمون بقبضة من مصالح على الأسواق، فهل تكفي بضعة تعاميم لإخافتهم؟ أو حتى بضعة غرامات مالية لا تذكر؟ ألم يحن الوقت لتشديد العقوبات وسجن كل من تسول له نفسه التلاعب بمعيشة الناس؟ ولا نقصد هنا فقط صغار الباعة بل حيتان الأسواق, وماذا أيضاً عن الفواتير الوهمية التي بالرغم من تكاليفها المرتفعة لا يلتزمون بها؟!
المطلوب ببساطة؛ فتح باب المنافسة لتأمين السلع والمواد والرقابة على جودتها وسلامتها, ودراسة متأنية وواقعية لفواتير وتكلفة تلك البضائع, وهنا تبدأ المهمة الحقيقية لمعرفة مصير تلك السلع وبأي المخازن والمستودعات أقفل عليها, وإن وزعت بالأسواق ما مصيرها وبأي الأسعار قد ختمت؟!