مجلة الإيكونومست البريطانية
الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد من أن يؤثر في وضعه السياسي، فكل منهما يخدم الآخر سلباً أو إيجاباً.
في الأنظمة الرأسمالية، الاقتصاد يدير السياسة، حيث العلاقة بينهما معقدة ومثيرة للاهتمام، فعندما تعصف مشاكل سياسية في بلد ما سينعكس ذلك بالمقام الأول وبشكل واضح على الأداء الاقتصادي لهذا البلد، وعليه فإن علم الاقتصاد السياسي أصعب من غيره، وهناك اختلاف في وجهات النظر بين الاقتصاديين حول هذا التعريف، وهو ما يظهر بوضوح عندما يتم اتخاذ القرارات المهمة ولما لذلك من انعكاسات، مثلاً العجز السياسي في اليونان كان سبباً في تفاقم المشاكل الاقتصادية، أما في إيطاليا فقد استطاع رئيس وزراء إيطاليا في عام 2012 إبعاد شبح الاضطرابات المالية ببراعته السياسية، ما يدعو إلى القول إنه كلما كان أي بلد مستقراً سياسياً ساهم ذلك في زيادة النمو الاقتصادي.
يرى محللون أن عنصر الأمن في أي بلد حجر الزاوية في تفعيل الوضع الاقتصادي وجلب الاستثمارات، وبالنظر إلى قطاع السياحة لدولة ما، على سبيل المثال لا الحصر، نجد أن السياحة تشكل مصدراً أساسياً للدخل القومي والعملة الصعبة، وإذا تعرضت هذه الدولة لعدم استقرار نتيجة أحداث سياسية معينة فسوف يتأثر القطاع السياحي مباشرة جراء عدم وجود الأمن والأمان للسائحين وتعرضه للخطر، وهذا ما يؤدي إلى تأثر الاقتصاد الوطني بشكل أو بآخر لتلك الدولة المضطربة سياسياً.
البلدان النامية عندما تقع في فخ المديونية الخارجية ويبلغ حجمها مستويات حرجة ستؤثر بالطبع في الوضع السياسي بالإضافة إلى الوضع الاجتماعي، وبعض أسبابها ناتج عن سوء الإدارة وتفشي الفساد.
وحسب الإيكونومست، عندما تسن دولة ما قوانين وتشريعات تحظر التعامل الاقتصادي مع خصومها من دول أخرى رغبة في الضغط لاتخاذ مواقف معينة تريدها، فهنا يكون القرار الاقتصادي نتيجة قرار سياسي مباشر، فالعلاقة أزلية بين السياسة والاقتصاد وكل منهما يوجه ويتأثر بالآخر.
لقد ظهر مفهوم جديد للاستعمار على ضوء النمو الاقتصادي والتفوق السياسي وهذا ما حصل في أوروبا، حيث بدأ الاستعمار الأوروبي بشكل مباشر في بداية القرنين التاسع عشر والعشرين ميلادياً، وتعتبر الحروب الصليبية والكشوف الجغرافية مدخلاً له.
هذا وقد حرك الدافع الاقتصادي كل من السياسيين والاقتصاديين لاكتشاف أسواق جديدة لمنتجاتهم، فتوجهوا نحو البلدان المتأخرة.
إن تداخل الاقتصاد مع السياسة حرّك الكثير من رغبة الدول الغنية اقتصادياً باحتلال الدول الضعيفة، وهنا تداخل مفهوم السياسة مع الاقتصاد وأصبح كل منهما يخدم الآخر واستمر ذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بعض الدول الأوروبية بتشكيل الاتحاد الأوروبي، وهو اتحاد اقتصادي وسياسي وذلك تلافياً لأي عجز اقتصادي يمكن أن يظهر داخل الاتحاد الأوروبي، وهنا يتشابك الاقتصاد مع السياسة بشكل واضح، ويعتبر ذلك مثالاً حياً على العلاقة ما بين الاقتصاد والسياسة، حيث يخدم كل منهما الآخر لتحقيق الأهداف المرجوة منهما وخاصة في الدول الكبرى.