في المشهد التشكيلي.. تحوّلاتٌ أصابت الفنان واستقرّت في المُنتَج!

ليس سؤالاً جديداً بالتأكيد، لكن انفتاحه على أحداثٍ تتجاوز زماناً ومكاناً معروفين، كان يُعيدنا إليه كلّ مرة.. قبل أعوام كان البحث فيما يمكن أن تؤول إليه اللوحة السورية مرهوناً بالوقت، ولا شك في أنه سيفعل فعله باستمرار، لكن «ربما» كانت عشر سنوات من الحرب على سورية كافية للحديث عن تحوّلاتٍ أصابت التشكيل السوري واستقرّت في نتاجاته، فهل كان هذا في موضوعات أو اتجاهات معينة، ثم أين الخصوصية فيما طرأ على المشهد برمته؟ والسؤال هنا للباحث والفنان حسين صقور «الفينيق» والفنان الدكتور سائد سلوم.
مؤثرات محيطة
ترتبط الإجابة عن سؤالنا باستعراض المؤثرات المحيطة بالفنان عموماً، وفي مقدمتها كما يقول الفنان حسين صقور في حديثه لـ«تشرين» دخول «فيسبوك» حياتنا، وأثره الإيجابي عبر ما أتاحه من متابعة واسعة للأحداث وتفاعل ما بين الفنانين. يقول صقور: «هذا خلق شكلاً من أشكال التأثر والتأثير غير المباشر والتنافس الذي لا أنتمي له أنا شخصياً، وأعتبره فجوة يسقط فيها الضعفاء، حتى إنه خلق عدائيات كفيلة بالتراجع في النوعية والتزايد في الكمية، بمعنى؛ إن الهمّ يصير منحصراً في إقامة المعارض وتسجيل النشاطات لا غير».
بالطبع، الكلام في الوضع العام لا يمكن أن يستثني الحالة الاقتصادية، برأي صقور، ولا يخفى على أحد أثرها الكمي على اللوحة، وتواصل الفنان مع عمله بعد تراجع سوق العمل الفني، والغلاء المتصاعد لأدوات الرسم الأساسية كالشاسيهات والفراشي والألوان. ويضيف: على هذا الأساس يمكن التخمين بأن الفن تراجع كمياً رغم اندفاع المزيد من الأجيال الجديدة للعمل مأخوذين بذاك الحماس الذي عكسته وسائل التواصل ومندفعين للانتساب لاتحاد الفنانين التشكيليين وبعضهم لمآرب مختلفة.
إذاً التفاعل مع البيئة والحدث سيترك أثره لدى الفنان الحق، ولا سيما أن السنوات الأخيرة في سورية لم تكن عابرة، يقول الفنان سائد سلوم، ويتابع: الحرب على سورية خلال السنوات الماضية لم تكن عابرة والفنان يتابعها كمشاهد من وراء زجاج السيارات المسافرة، يتأمل فينسى!، أبداً. وإذا حصل هذا فهو دليل على أنه ثمة «حَمَلةٌ لأسفار» لا تؤثر فيهم أشكالها ولا أوزانها ولا يتفاعلون مع مياه النهر الجارية، أي إنّهم ليسوا إلا حجارة صمّاء أو إنهم تخلّوا عن كل الحواس والمحسوسات، وهذا مستبعد جداً ممن أعرفهم على أقل تقدير.
محاكاة الحدث
في الاتجاه نحو شكل العمل الفني فضّل البعض محاكاة الحدث عبر موضوعات غلبت عليها الفكرة، لكن صقور يرى فيه «توجهاً قد يحصر العمل ضمن نطاق تسجيلي ضيق لا يفسح المجال لمواكبة الحداثة المرتبطة بنمط تفكير متجدد يعكس التغيرات بمفهوم العمل الفني ضمن ذات الفنان الساعية وبشكل تلقائي للفرادة»، وعلى ذلك يقول: «أخمّن أن مثل تلك الأعمال قد تسقط تلقائياً مع الزمن ولا يبقى أثرها سوى ضمن نطاق ضيق في حين تبقى تلك الآثار التلقائية للحدث، التي لا تنعكس بصورة سلبية على أسلوبية الفنان وفرادته، وقد تدفع به لتطورات تواكب نهج الحداثة المشروطة بالغنى والتنوع والفرادة، وهي الأكثر خلوداً وستعكس لاحقاً شكل الفن السوري خلال مرحلة معينة وزمن معين.
ارتباط الإنتاج الفني الجمالي بالمؤثرات العامة والخاصة كضواغط أساسية على حياة الفنان، سيؤدي به إلى الانحراف الأسلوبي بل يفرض نفسه على موضوعاته -على حد تعبير سلّوم- والسبب كما يقول: «ما يحدث في محيط الفنان السوري ليس حدثاً عادياً، ما يؤدي إلى تحولات أسلوبية قد تكون مرحلية فيظهر الغرائبي واللامألوف والمتخيّل، وهو عادة ما يجنح نحو السريالية أو ما يتآلف معها، الفنان التشكيلي في سورية يقدم رؤيته متأثراً بواقعه المأساوي.

تأثيرات الأعوام الأخيرة
في قراءة العمل الفني سنجد «تأثيرات الأعوام الأخيرة من خلال تكنيك الفنان، ونبضات الخط، والرموز المتشكلة تلقائياً، والتوجه العفوي لمجموعٍ لونيٍّ له دلالاته، ولا يُشترط أن نجدها في العناوين العريضة والمعارض القسرية»، يوضح صقور: «ليست كل شجرة شجرة، وليست كل زهرة زهرة، حين نسقط تلك الأشكال على اللوحة يصبح لها مفهوم مختلف تابع لأحاسيس الفنان، التي يترجمها الخط واللون، لهذا نجد أن الفنانين يسعون باتجاهات مختلفة تعبيرية وتجريدية من خلال التحوير، وتحطيم الشكل، وإعادة بنائه بحثاً عن الجوهر والمضمون، وهم بتلك الطريقة يعكسون تفاعلهم مع تلك الموجودات ويوجهوننا نحو رؤى مختلفة نابعة من الأحاسيس والذات الإنسانية.
ويرى صقور أن الرسم المباشر واختلاق الأفكار قضية سهلة وقد تكون شاذة ضمن العمل حين لا يمتلك صاحبه الخبرة، أما حين «تتوالد الأفكار بشكل عفوي منتمية إلى ذات الفنان وكينونته حينها يمكن أن ندرج العمل ضمن إطار الإبداع الذي يزداد اتساعاً عندما ندرك أن أفقه مفتوح، وسيصبح للفنان مكان في الهرم الإبداعي».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟