تبدو الحكومة الإسرائيلية الجديدة وموقفها من مما يسمى “حل الدولتين” أكثر تطرفاً من حكومة نتنياهو السابقة، وذلك لعدم انسجام الأحزاب المكونة لها ولهشاشة وضعها في الكنيست فهي مؤلفة من عدة أحزاب منها المستقلون 17 (مقعداً من أصل 120 بالكنيست) وحزب يمينا (7 مقاعد) والعمل (يسار 7 مقاعد) وأمل جديد (يمين 6 مقاعد) وأزرق- أبيض (وسط 8 مقاعد) و ميرتس (يسار6 مقاعد) وحزب القائمة العربية الموحدة (4 مقاعد) وإسرائيل بيتنا (يمين 7 مقاعد).
إن عدم انسجام التشكيلة لمجلس الوزراء الجديد نظراً لتباين وجهات نظر الشركاء، خاصة بما يتعلق بحل الدولتين يجعل هذه الحكومة عاجزة عن اتخاذ أي قرار حاسم بهذا الخصوص.
وحسب الصحيفة، يطغى التطرف على سياسات الائتلاف اليميني الجديدة ويعتبر بينيت الذي كلف بتشكيل الوزارة أشد يمينية من نتنياهو، ففي مسألة الدولة الفلسطينية يرفض رفضاً قاطعاً إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويعتبر إقامتها بمثابة انتحار “لإسرائيل”، واللافت أن سياسات الائتلاف الجديدة تجاه القضية الفلسطينية أكثر تشدداً من سياسات نتنياهو، ما يخلق صعوبات أمام اللاهثين وراء المسيرة السلمية وأمام إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن.
إن مكونات الحكومة الإسرائيلية الجديدة تضم أشد المتطرفين السياسيين في “إسرائيل” إذ تؤيد الاستيطان ومصادرة أراضي الفلسطينيين وإخلائهم من بيوتهم وقتلهم.
ويعد بينيت زعيم الأكثرية البرلمانية من أشد المدافعين عن الاستيطان في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية، وقد تداول نشطاء تصريحات سابقة له قال فيها: “قتلت الكثير من العرب ولا توجد مشكلة في ذلك”.
يصف الكثير من المراقبين الحكومة الجديدة في “إسرائيل” بـ “حكومة الشلل” في كل الملفات، فهي غير متجانسة ولا تستطيع أن تتفق في ملفات أقل بكثير من الملفات السياسية المهمة مثل غزة والتهدئة وغيرهما.
ويتوقع مراقبون عدم حدوث تغيير حقيقي فيما يخص القضية الفلسطينية وخاصة حل الدولتين، ويرجح هؤلاء أن عمر الحكومة قصير نتيجة تباينات أيديولوجية وسياسية وتوترات شخصية.
من المحتمل العودة لانتخابات إسرائيلية جديدة قبل نهاية هذا العام، لذلك ستلجأ هذه الحكومة إلى المماطلة والتسويف إذا ما ضغط عليها لإجراء محادثات مع الفلسطينيين بشأن حل الدولتين.
من جانب آخر فإن رأي الفلسطينيين في الحكومة الجديدة، وخاصة فيما يتعلق بحل الدولتين سيخضع للتسويف والمماطلة من الجانب الإسرائيلي، وقد أكد ذلك بيان أصدرته الخارجية الفلسطينية من قبل جاء فيه: “إن رأي دولة فلسطين بهذه الحكومة، لا ينطلق من مبدأ مع أو ضد نتنياهو أو وجوده من عدمه على رأس الحكومة أو من مواقفها السابقة، وإنما سيتم الحكم عليها بناء على موقفها من جميع القضايا، هذا بالإضافة لكيفية تعاملها مع الاختبارات الملحة التي سوف تواجهها خلال الأيام القادمة بدءاً من مسيرة الأعلام ومروراً بإخلاء البؤر الاستيطانية (أبيتار) المقامة على جبل صبيح في بيتا جنوب نابلس وتعريجاً على الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى والتهديدات بطرد المواطنين المقدسيين من منازلهم في حي الشيخ جراح وأحياء وسلوان، وكيفية تعاملهما مع الحصار الجائر على غزة وعمليات إعادة الإعمار.
يبدو من المستبعد أن يعيش الائتلاف الحكومي الجديد في “إسرائيل” طويلاً نظراً لحقيقة أن أعضاءه يختلفون سياسياً وإيديولوجياً، ولا يجمعهم إلا كرههم الشديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وعدم ثقتهم به، وكذلك إيمانهم بالتوسع ورفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
على سبيل الافتراض بأن “إسرائيل” ستفاوض على قيام دولة فلسطينية، فإن هذه الدولة ستكون عرجاء خريطتها غير ثابتة، تمزقها المستوطنات، كما ستكون الدولة منزوعة السلاح وأشبه ببلدية كبيرة تعنى بالخدمات، والرابط بين ضفتها الغربية وقطاع غزة نفق تحت الأرض، في الوقت الذي ستقوم فيه بعض المجمعات الصناعية الخفيفة وخاصة في قطاع غزة، إضافة إلى مزارع وبعض المحميات الزراعية في القطاع والضفة الغربية.
عن : صحيفة الغارديان