طالب أعضاء في الكونغرس الأمريكي الرئيس الأمريكي جو بايدن بإعادة النظر والاعتبار في قضية أوبنهايمر مخترع القنبلة النووية، وأحد علماء الذرة الأبرز في الولايات المتحدة، وهو المتهم آنذاك بأنه خطر على الأمن القومي.
فما هو مبرر إعادة الاعتبار لشخصية وان كانت علمية وقد تسبب اختراعها بمقتل الآلاف؟
وكيف يمكن أن نقرأ مساعي أعضاء من الكونغرس لتبرئة أوبنهايمر في الوقت الذي أرجأت فيه لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي تصويتاً كان مفترض إجراؤه على إلغاء تفويض منح للرئيس الأمريكي منذ نحو 20 سنة أجاز استخدام القوة العسكرية أثناء احتلال العراق، وذلك بعد دعوات من الجمهوريين للتأجيل بحجة إجراء مزيد من المشاورات مع مسؤولين دبلوماسيين ومسؤولي الأمن القومي لدراسة أثر تلك الخطوة، هذا ما يوضحه موقع غلوبال ريسيرش في مقال جاء فيه:
عندما أسقطت الولايات المتحدة قنابل ذرية على هيروشيما وناغازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية، قُتل أكثر من 210.000 شخص على الفور، واستسلمت اليابان في الأيام التالية، وبعد فترة وجيزة حصل الفيزيائي النووي جيل روبرت أوبنهايمر، الذي قاد مشروع مانهاتن -برنامج البحث والتطوير الذي أنتج القنبلة النووية- على “وسام الاستحقاق” لمساهمته في المجهود الحربي التدميري آنذاك، لكن أوبنهايمر لم يكن مدركاً آنذاك لمدى الدمار الذي تسبب به والذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين الأبرياء من جراء تعرضهم للإشعاع، وأعرب فيما بعد عن معارضة قوية لتطوير القنبلة الهيدروجينية وطالب بضوابط دولية على الأسلحة النووية، إلا أن مطالباته لم تلق أذناً مصغية من الأعداء السياسيين، وكانت سبباً لاتهامه بالخيانة، وفي عام 1954، تم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة، لم تجد جلسة الاستماع السرية التي جرت في أيام السيناتور مكارثي أي دليل على عدم أوبنهايمر، ومع ذلك فقد تم إلغاء تصريحه الأمني قبل 32 ساعة فقط من انتهاء صلاحيته.
وتسببت له الأحداث في ألم شخصي ومهني كبير حتى وفاته عام 1967 .
في هذا السياق قال تيم ريزر، كبير مستشاري السياسة الخارجية الأمريكية: “لا ينبغي استهداف الأشخاص الذين تختلف وجهات نظرهم عن من هم في السلطة، كان الفيزيائي أوبنهايمر يتمتع بمصداقية فريدة ومنظور حول التطوير والاستخدام المستقبلي للأسلحة النووية”.
منذ البداية، أثارت قضية أوبنهايمر أسئلة حول قدرة العلماء الحكوميين على العمل والتفكير بشكل مستقل في الولايات المتحدة، ويرى محللون أن الإدارة الأمريكية مخطئة للغاية، ليس بشأن روبرت آنذاك، ولكن في مفهومهم لما هو مطلوب من العاملين معها وخاصة الباحثين والعلماء.
اليوم وبعد أكثر من 50 عاماً، طلب أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ وهم السيناتور الأمريكي باتريك ليهي، وإدوارد ماركي، وجيفري ميركلي، ومارتن هاينريش من الرئيس بايدن إصدار أمر تنفيذي بإلغاء قرار أصدرته لجنة الطاقة الذرية يقول بأن أوبنهايمر غير جدير بالثقة وغير لائق لخدمة بلاده، وذلك عبر رسالة هي الثانية إلى بايدن، حيث سبق وأن تم إرسال رسالة بشأن تبرئة أوبنهايمر إلى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأضاف الأعضاء في الكونغرس، خلال إدارة ترامب، كان من غير المجدي متابعة ذلك. لكن مع إدارة بايدن، يبدو أن الأمر كما يرى أعضاء الكونغرس “يستحق المحاولة” مرة أخرى.
يبدو أن جهود أعضاء مجلس الشيوخ الأربعة تدور حول “تصحيح” أو تبييض صفحة العالم النووي، فهل يجرؤ أعضاء من الكونغرس بالمطالبة بمساءلة من تسبب بتدمير بلداناً في الشرق الأوسط وقتل المدنيين الأبرياء؟
عن: موقع “غلوبال ريسيرش”