و ظُلم ذَوي القُربَى ..!!
عضّ بعض رجال المال والأعمال ممن ادخروا دولاراتهم في بنوك لبنان على جرحهم (ومن تم ساكت) أمام الإجراءات الصارمة التي فرضتها البنوك اللبنانية على سحب العملات بعد الانهيارات الفظيعة التي أصابت عملتها..
ولم تُسمع سوى أصوات من أصابتهم (جلطات) وكتمت أصواتهم …
مهما يكن حجم الأرقام المقدرة بالدولار والمودعة من قبل السوريين فهي ليست بالقليلة، ولطالما كان الحديث عما يفوق الأربعين مليار دولار …!!! فمن شبّ على شيء شاب عليه، فالقصة ليست وليدة الأحداث والإرهاب على سورية وليست هي التي دفعت بالكثير منهم لإيداع أموالهم خارجاً، بعيداً عن البنوك السورية ، بل هم أنفسهم لطالما اعتادوا على ذلك …
وهذا الأمر إن دلّ على شيء فإنما يدل على انعدام الثقة بمؤسسات الدولة المصرفية وضعف الانتماء للوطن.. فمن يضع رِجلاً هنا ورِجلاً هناك لايمكن أن يؤتمن جانبه ! لأنهم عند أول هزة يمكن أن تصيب البلد “يشمّعون الخيط” ويهربون تاركين الجمل بما حمل وبقايا فتاتهم ، وحينها يبقى الوطن فقط للاكتناز منه واستغلال الأزمات فيه …
بالتأكيد لايتحمل أولئك من أصحاب المال وحدهم المسؤولية وانعدام الثقة بمؤسسات الدولة وإنما تلك المؤسسات وبيئتها التشريعية وضعف الضمانات التي تقدمها للمودعين وربما أيضاً حالة عدم الاستقرار المالي وضعف قيمة العملة الوطنية .. عوامل كثيرة تدفع ببعض رجال المال والأعمال لعدم الثقة بمؤسسات الدولة وإن صنفت حالة الهرب بضعف الانتماء فقط .. ما يوجب على الدولة إعادة النظر بالكثير من الإجراءات المصرفية والتشريعات الناظمة وقدرتها على توفير حالة أمان واطمئنان للمودعين… وإن كانت المصارف السورية وخلال عشر سنوات من الإرهاب على البلد لم تغلق أبوابها في وجه مودع ولم تفرض ضوابط قاسية على عمليات السحب رغم كل ماتعرضت له الليرة من حرب جائرة عليها ساهم فيها كل من اكتنز الدولار وباع واشترى بالعملة الوطنية.. كل ذلك لم يمنع تلك المصارف مودعاّ من سحب ما يحتاجه من أموال.. بخلاف المصارف اللبنانية التي أوصدت أبواب خزائنها في وجه أولئك المودعين فيها وتركتهم في مهبّ عاصفة الانهيار المصرفي اللبناني إلى مصير مجهول…
ولن يشفع لهم ( مقولة رأس المال جبان) إذ لاجبان إلا من هرب بماله وترك الوطن في محنة وضائقة اقتصادية خانقة زادها هربهم وخلف أزمات وطن واختناقات مواطن في عيشه بينما الوطن يئن تحت حصار غربي أمريكي جائر وضغط واستغلال بعض رجال المال لهذا الحصار بمزيد من الجشع والاحتكار…. وظلم ذوي القربى يبقى أشدّ مضاضة ..!!