«أنيميشن» محلّي الصنع
لم تكن «الليدي أوسكار» فتاة تشبه الأخريات حولنا، لذا كان صعباً علينا أن نتخيل إحدانا فارسة شقراء، ومع ذلك كانت قصة حياتها كما عرضها مسلسل (الأنيمي) الياباني الشهير عام 1979، مثار إعجاب الفتيات والفتيان حول العالم، ولا سيما بعد أن تمت دبلجة العمل وتوزيعه عشرات المرات، ولا نبالغ لو قلنا إن عدداً كبيراً منا يذكر ما شاهده من أفلام ومسلسلات كرتون في طفولته، أكثر مما شاهده طوال حياته، ومعظمها نتاجات يابانية ساحرة، استقت من تاريخ الشعوب أحداثاً وشخصيات مميزة،و وظّفت لها رسامين ومصممين وممثلين، وأعادتها إلى الحياة مجدداً.
بالطبع لم يقتصر الاهتمام فيها على الصورة الجذابة فحسب، بل شمل أيضاً منظومة كاملة من القيم والأخلاق والسلوكيات، منها:(محبة الأصدقاء، مساعدة الفقراء، التضحية من أجل الوطن، التسامح والتواضع وما إلى ذلك)، إضافة إلى ما وصلنا من بيئات وجغرافية مدن وقرى شتّى تعرفنا عليها في (قصور النبلاء وموانئ السفن، وأعالي الجبال، في قصص الحب والسعي وراء الحلم)، والقائمة تطول.. في النتيجة تركت تلك الأعمال آثاراً وعلامات في دواخلنا من دون أيّ ملمح يُشبهنا «عربيّاً» أو «محليّاً»!.
يُقال إن التكلفة الكبيرة اللازمة لإنتاج أفلام الكرتون، والتي تُضاهي نظيرتها المخصصة لأفلام الكبار، بسبب الحاجة لتنفيذ عدد هائل من الخدع، إضافة إلى ارتفاع أجور المختصين في تقنية تحريك رسومات الكرتون، سببان رئيسان في الإنتاج القليل لهذه النوعية، وإن كنا لا نستطيع الإنكار بأن النظرة الدونية للأعمال الموجهة للأطفال سببٌ لا يقل أهمية، ولو فكّر المعنيون بما يمكن تحقيقه وإيصاله عبرها، لسخّروا لها كل ما يمكن، عوضاً عن خطط وبرامج تحتاج سنوات لتطبيقها.
حقيقة ؛ إن الحاجة لمادة تلفزيونية وسينمائية سوريّة، تُحاكي صغار اليوم بأسلوب «الأنيميشن»، أصبحت أكثر إلحاحاً بعد أعوام طويلة من الحرب، كثرت فيها الإساءات وحملات التشويه للتاريخ، بما فيه من شخصيات سياسية واجتماعية ودينية وثقافية، عدا عن تغييب وإقصاء مُتعمدَين لكل ما هو إيجابي من عادات وأعراف ومواقف، تستحق جميعها أعمالاً تحكي عنها، بصوت وصورة ومستوى عالٍ، يتابعها أطفال اليوم بالشغف ذاته والاهتمام اللذين جعلانا ننتظر «الليدي أوسكار» و«الكابتن ماجد» وغيرهما الكثير.