لعل من أوائل الذين تحدثوا عن الجرائم التي ارتكبها جنود أمريكيون في أفغانستان نواب أمريكيون ووسائل إعلامهم والعديد من المسؤولين في إدارة ترامب وفي الإدارات الأمريكية المتعاقبة ولن ينسى هؤلاء الحديث عن جرائم مماثلة في العراق وفي معظم الأماكن التي تدخلها القوات الأمريكية وكأن الجريمة جزء لا يتجزأ من العقيدة الأمريكية ضد شعوب العالم.
لكن “ما يضع العقل في الكف” هذا الاستهتار بمشاعر ذوي الضحايا وبمشاعر الذين يطالبون بإخضاع المجرمين للقوانين والقصاص منهم على ما اقترفت أيديهم لدرجة أن ترامب فرض عقوبات على المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية لمجرد أنها طالبت بالتحقيق مع هؤلاء المجرمين كما فرض عقوبات أخرى على العديد من مسؤولي المحكمة وقضاتها, فالمسألة لا تتعلق بالتحيز للجنود الأمريكيين وتشجيعهم على ارتكاب الجرائم فقط وإنما تتعلق بالعداء لأي قانون أو قانوني يمكن أن يفكر بتطبيق العدالة على الأمريكيين كما تطبق على غيرهم, فالعدالة وفق غطرسة ترامب هي ما تبيح لأمريكا ذبح خصومها الأبرياء وكل من تتهمهم تهماً سياسية سواء بقرار من محكمة أو من دون قرار, فقد عملت أمريكا في العقود الماضية على جعل محكمة الجنايات الدولية سيفاً مسلطاً على رقاب قادة ومسؤولين وتم تنفيذ العديد من أحكام تلك المحكمة بحق رؤساء وزعماء بمباركة أمريكية.
إن أمريكا تتعمد الآن أن تظل ذاتها فوق القانون الدولي وضد مجلس الأمن وضد الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها لأن جنون العظمة والاستهانة بالآخرين وتحكمها بعملات العالم عن طريق الدولار وامتلاكها للقوة العسكرية الغاشمة كل ذلك وأمور أخرى دفعها ويدفعها للاستهانة والاستباحات واللصوصية وارتكاب الجرائم والويل لمن يطالب بمحاسبتها عن جرائم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
إن الدول والشعوب قادرة على تحقيق العدالة بذاتها وخاصة إذا قطعت الأصابع الأمريكية والصهيونية التي تحاول العبث بكل شيء.