العدوُّ الحاضرُ الحاضر.. سنستمرّ.. وستُهزَمون
تجرّأ ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء الكيان الصهيوني وأفصح يوماً عن الحقيقة العدوانية واللاشرعية لوجود الصهاينة، حيث قال: «إن جوهر مشكلتنا الأمنية هو وجودنا بالذات وهذا هو المعنى الفظيع لمشكلتنا الأمنية».
مشكلةٌ أمنيّةٌ ماعادت «تؤطّرها» طبيعة ونهج الصراع العربي- الإسرائيلي الحالي المتورّط بمجموعة ملوّنة ومتعددة لعناوين علاقات وارتباطات بالسياسات الإسرائيلية- العربية التي تخاذل فيها بعض الحكام العرب- ومازالوا- بإعلان التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، بينما باتت المقاومة المحرك الأساس والبوصلة الوحيدة التي يتعاطى معها العدو الإسرائيلي على أنها التهديد الحقيقي لأمن «إسرائيل».
فالوجود الإسرائيلي اللاشرعي مدعومٌ- بقوة- من السياسات الأمريكية المبنية أساساً على تحقيق مصالحها وأمن وأمان «إسرائيل»، حتى وإن تغيرت الإدارات الأمريكية، فالنهج واحدٌ ولاسيما فيما يتعلق بالشأن السياسي والداخلي في المنطقة العربية وبرؤيةٍ استعمارية حددها ريتشارد نيكسون: (أكثر مايهّمنا في الشرق الأوسط هو البترول و«إسرائيل» ولو أنهما لا يسيران دائماً باتجاه واحد، لهذا فتشبّث أمريكا بـ«إسرائيل» يدعم موقعها في الشرق الأوسط، كما يضمن السلام والأمن لـ«إسرائيل»).
و«فلسفة مناهضة التطبيع لم تنجح»، حقيقةٌ مخزيةٌ لا تحتاج تصريح المبعوث الأمريكي الخاص لمفاوضات السلام المنتهية ولايته جيسون غرينبلات والذي أكدّ أن من بين أهم «إنجازاته» في هذا المنصب (إحداث تغيير كبير في العلاقات بين «إسرائيل» وجيرانها العرب، وإن إدارة ترامب نجحت في تشجيع الناس على التفكير خارج نطاق الأحاديث البالية المستمرة منذ عقود بشأن النزاع)، ساعدته في تحقيق هذا «الإنجاز» -حسب زعمه- أطراف ثلاثة؛ ترامب وكبير مستشاريه غاريد كوشنر وبنيامين نتن ياهو، إضافة إلى قادةٍ عرب «جعلوا هذا يحدث»..
لكنْ، وعلى المسار ذاته من اتضاح الرؤى والمكاشفة؛ يعي الكيان المحتل الحقيقة الملازمة للصراع المتجلية بعقيدة وثبات محور المقاومة التي تكبّده الخسائر وتقضّ مضجع السياسيين ومنظّري استراتيجيات الأمن الإسرائيلي الذي يتخذ من (الردع- الحروب الخاطفة- الضربة الاستباقية- نقل المعركة لأرض العدو- الجبهة الداخلية المتماسكة..) دعائم وتكتيكاتٍ له، إذ استطاعت المقاومة وداعموها -دائماً- التهديد الصريح لأمن الكيان ومنعه من تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية والتأثير في الأمن الفردي والجماعي للكيان المحتل من خلال ضرب جبهاته الداخلية.
لذلك لطالما كانت سورية؛ دولة الممانعة والمقاومة عصيةً على المشروعات الخارجية، والتي ما استطاعت فيها القوى الدولية العظمى التأثير في مبدئية سياستها الرافضة تماماً للوجود اللاشرعي للكيان الصهيوني مهما تعالت أصوات عربية مناشدة بالتطبيع، بزعامات خاضعة وتابعة للسياسات الأمريكية، ورغم ظروف الحرب الدولية التي كان فيها الموقف الرافض للوجود الإسرائيلي أحد أهم الأسباب التي جعلت من سورية ميدان حرب لاستنزاف قواها العسكرية التي تشكل تهديداً أزلياً ومستمراً للكيان المحتل، ورغم الحضور الواضح للأيادي الإسرائيلية المشاركة في الحرب على سورية والاعتداءات المستمرة من طرف العدو لكنّ نهج القيادة والشعب مستمرٌّ في توصيف الكيان الصهيوني على أنه العدو الأول، وبأن مقاومته واجبةٌ مادام يحتل كلاً من الجولان وفلسطين ويثابر في انتهاكاته اللاشرعية.
صحيفة «معاريف الإسرائيلية» وفي إحدى مقالاتها التحليلية ذكرت:
(عندما تخوض «إسرائيل» مواجهةً، انطلاقاً من هدفٍ معلن فإن خصومنا سينتصرون ماداموا لا يستسلمون).
ولأنكم العدوُّ الحاضرُ الحاضر سنستمرّ.. وستُهزَمون.