الحرية تطلق مخيلات السوريين!

استعاد السوريون حيويتهم بعد 8 كانون الأول 2024. فالجميع يريد المشاركة في بناء دولة القانون والمؤسسات لسوريا الجديدة، التي ظهرت وكأنها توقفت عن الحياة طيلة أكثر من نصف قرن..
يتعرف السوريون إلى بعضهم عن قرب، يتبادلون التحيات وأخبار المناطق، حيث تبدو دمشق، وكأنها تختصر البلاد كلها، بزحامها وبسطاتها المنتشرة في كل مكان، وبهموم أهلها الذين لم يستوعبوا بعد، حجم التغيير الحاصل.
الشعب السوري واحد، حكاية يعيشها الناس في الشوارع والمحلات والمقاهي والأماكن العامة، يحرصون على التكاتف مع مؤسسات الدولة الوليدة، يريدون أن يخرجوا من الجحيم بسرعة إلى النور. يقولون لنا: لقد أنهكتنا الحرب والسجون، ونريد اليوم أن نفرح ونتعاضد حتى تعود سوريا إلى مكانتها المرموقة في العالم.
من شارع الثورة، باتجاه الحميدية وشارع النصر، من أروقة الجامع الأموي وحارات الشام القديمة، هناك سمة واحدة تجمع الناس وتدفع للسعي وراء لقمة العيش وكلهم أمل، إنها الحرية واستقبال الأوكسجين النقي الذي يدفع للحيوية والأمل.. سنصبر ونشارك في البناء، يقول الناس وهم يشعلون شمعات الأمل بانتظار أن تدور عجلة الحياة والتطور من جديد.
نحتاج اليوم لأن نربّت على أكتاف بعضنا، نحتاج للثقة والاطمئنان والأخلاق في خدمة البلد، يقول بائع البسطة صغير السن، وهو يبدو أكبر من عمره بكثير. نسأله عن شعوره في هذه المرحلة، يتنهد ورغم صغر سنه يقول: بأنه ولد من جديد.
ربما أكثر شيء ملحوظ اليوم، هو كثرة ملتقطي صور السيلفي، أمام المعالم التاريخية والساحات وداخل حواري الشام القديمة، فالجميع يريد أن يوثق اللحظة كي تدخل التاريخ الجديد وهي في أبهى صورها..
يطلب الأطفال منا أن نصورهم، ونرسل الصور على “الواتس أب”، يسألوننا إن كنا سنجعل سوريا في مقدمة بلدان العالم في الأداء الإعلامي؟ فنعدهم بثقة ونشعر أن هناك ظهراً يسندنا..
من الصعب اختزال سوريا في هذه المرحلة، وجلّ ما يمكن فعله، هو مشاهدات تلقائية غير متكلفة تظهر بشكل عفوي في الشوارع.. الناس تريد العمل، وستفعل كل شيء كي يعود هذا البلد إلى مكانته الحضارية.. هكذا لا يمكن الفصل بين ما يراه أهالي باب توما، وما يشعر به أهالي مدحت باشا، بين ما يشعر به أهالي الميدان، وما يعبر عنه أهالي المزة.. الجميع هاجسهم وحلمهم واحد: هذه الأرض الطيبة تستحق الكثير، وإننا لفاعلون من أجل كل شيء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار