شهيداً شامخاً..‏

تشرين-‏ ادريس هاني:
هم أعلنوها حركة مقاومة، ومنذ سنوات، ليس فقط يتوقّعون أسوأ الاحتمالات، بل إنّ الشهادة ‌‏عندهم مطلب وكرامة، لم يقتلوه وهو يقاتلهم يوماً في الميدان، بل قتلوه بأطنان من القنابل ‌‏مسحوا بها منطقة مدنية مكتظة، هو وهم يعتبرون أنّ مساراً جديداً من المواجهة يشبه تماماً ‌‏المسار التصاعدي حين استطاع الاحتلال اغتيال السيد الموسوي ذات مرة، فكثر الحديث عمن ‌‏يخلفه، فكانت المفاجأة. لقد بلغ السيد حسن كل أمجاد الأبطال، يعترف له بها العدو قبل ‌‏الصديق، ولم يبق له إلا الشرف الأعظم: الشهادة، وعلى يد من؟ مجرم حرب مدعوم إمبريالياً ‌‏وهو كان يتطلع إلى هذا اليوم بشغف، أمّا من يخلف، فكلّ أعضاء المقاومة هم بمثابة قادة ‌‏يخلف بعضهم بعضاً دونما وجود لفراغ، الاحتلال يسعى لأهداف لن تنهي المقاومة.‏
ليس إنجازاً بعد الفشل في الدخول البري أن تقصف مدنيين بحرب تقنية تشارك فيها قوى ‌‏الغرب، فالشهيد دوّخ استخبارات الغرب والاحتلال لأكثر من ثلاثين عاماً أنجز فيها الكثير: ‌‏تحرير 2000، انتصار 2006، وجعل صولة الاحتلال البرية في الأراضي اللبنانية مستحيلة، ‌‏أتذكرون اجتياح 1982؟
ماذا يعني استهداف قائد في حركة مقاومة عجز الاحتلال أن يصل إلى بنيتها ‌‏«العسكرتارية»؟ لقد ‏اغتال قيادات في بيئة مدنية ولم يغتلهم في غرف عمليات أو حيث تنطلق ‏الصواريخ التي ‏أفرغت الشمال وأنزلت مليوناً ونصف مليون إلى الملاجئ وشلّت الحياة ‏الاقتصادية والطيران، لم ‏يحرق الاحتلال مخازن الصواريخ الثقيلة الموجودة في الجنوب؟
ارتقاء قائد في حركة مقاومة يعني مزيداً من التصعيد، اليوم الاحتلال كسر كل قواعد ‌‏الاشتباك، والنتن يبحث عن هدف يبرر به عدوانه على غزة ولبنان، ويبحث عن حرب شاملة ‌‏لاستدراج الغرب للتدخل المباشر، إنّ القادم من الأيام سيشهد احتراقاً سيخفف من شماتة من ‌‏ظنوا بسذاجة أن قتل قائد يعني نهاية معركة، الحديث عن النهايات هو سقوط في الحرب ‌‏النفسية، لأن جدلية العلاقة بين المقاومة والشهادة، علاقة وجودية وتاريخية يصعب أن يفهمها ‌‏الاحتلال، ففي كل محطة يرتقي فيها قائد يحدث تحوّل استراتيجي في قواعد الاشتباك، لم ‌‏تتوقف المقاومة عن صلياتها للاحتلال، وطبعاً الإعلام لا يقف عند تلك المشاهد، ولكن بالعودة ‌‏إلى مقولة ذلك العاملي من الجنوب، مهدي عامل: «لست مهزوماً ما دمت تُقاوم».‏
اعتمد الاحتلال مخططاً يخرق كل المواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، استعمل حساب ‌‏الاحتمال في صبّ أطنان من المتفجرات على مساحة ضيقة، لبنان المفتوح والمكشوف، ‌‏مناطق مأهولة بالسكان معروفة جدّاً قصفت وهي خالية من كل مزاعم الاحتلال، كانت ‏المقاومة ‏تحتاط في استهداف المدنيين، النتن أقنعهم اليوم بأنّ الحرب على المدنيين هي ما ‏تبقى في ‏جعبة مجرم حرب يتباهى بقتل المدنيين، بعد أن فشل في القضاء على المقاومة في ‏غزة ‏ولبنان، عام ولم يأسر مقاوماً واحداً، إنّه سُعار احتلال فقد البوصلة وينتحر على حافة ‏حرب ‏شاملة. ‏
ترجل قائد واحدة من أكبر المقاومات في العصر الحديث، تحوّل إلى رمز سيتجدد به مسار ‌‏حركة مقاومة إنّما وجدت لتبقى ما بقي الاحتلال، لقد انتصر السيد وارتقى شامخاً في معركة ‌‏التّحرر وقدّم دمه من أجل القدس، ستنعيه لبنان الذي كان له الفضل في قيادة تحرير الشريط ‌‏الحدودي استكمالاً لوحدة لبنان الترابية، هو شريك في الحكومة والقرار، وله فريق نيابي، ‌‏ومرسوم وزاري سابق شرعن المقاومة ووحدة الجيش والمقاومة، وما تبقى صوت نشاز خارج ‌‏الشرعية. ‏
ترى هل هو الإسناد حقّاً أم إنّها مسرحية؟ لقد قادت الرعونة مجرم حرب لوضع الاحتلال كل ‌‏الاحتلال أمام مصير مجهول، وخاض حرباً نازية على المدنيين وفشل في احتواء المقاومة.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار