بلاغ كاذب.. أي عبث هذا ونحن في عزّ موسم الحرائق؟ ونحتاج لتوظيف كل الإمكانات -المحدودة أصلاً- لمكافحتها

درعا – وليد الزعبي:
ليست بالأماكن السهلة أو المسطحة تلك التي تدخلها سيارات الإطفاء لتنفذ مهام إخماد الحرائق، بل معظمها وعرة، وأحياناً منحدرة بشدة على سفح وادٍ لا يتم بلوغها إلا بشقّ الأنفس، وكلها مهام محفوفة بالمخاطر وتحتاج إلى جهود كبيرة وخبرات واسعة وحيطة وحذر مع سرعة في التنفيذ لمحاصرتها وإخمادها في أضيق المساحات حرصاً على تفادي أو تخفيف الأضرار التي يمكن أن تحدثها وتخلفها.

إمكانات محدودة
معروف أن إمكانات الإطفاء المتاحة لجهة الآليات والعناصر محدودة جداً، حيث إن عدد الآليات قليل جداً والموجود معظمه قديم متهالك ويحتاج إلى صيانات وإصلاحات متكررة، بشكل يربك عملها ويضعف من أدائها في تنفيذ المهام، كما أن عدد الكوادر الموجودة قليل أيضاً ولا يمكنه في مثل موسم الحرائق الحالي تغطية حجم العمل الكثيف، إذ لا تمر ساعة إلا ويتم الإبلاغ عن حريق أو أكثر، سواء بالمحاصيل التي حان حصادها مثل القمح والشعير أو بـ”الهشير” من الأعشاب اليابسة، واحتمال امتداده أحياناً للأشجار المثمرة والحراجية المجاورة، وكذلك احتمال وصوله إلى محطات ضخ مياه الشرب الرئيسية، كما في وادي اليرموك في موقع العجمي بالريف الغربي من محافظة درعا، الذي تكرر حدوث الحريق على سفحه وفي قاعه أكثر من مرة هذا الموسم، وأحد تلك الحرائق في ١٨ الشهر الفائت شمل ألفي دونم من الأشواك والأعشاب والقصب، وقد استدعى استنفار ومشاركة جميع الجهات ذات العلاقة في المحافظة لمنع تضرر مضخات مياه الشرب، ومرت الأمور بسلام.

أكثر من ٣٠٠ حريق في درعا تم إخمادها.. نصفها بمحصولي القمح والشعير والباقي بالأعشاب اليابسة وبقايا الحصاد

حتى الحرائق التي حدثت على طول الشريط الحدودي من الجانب الأردني في فترة سابقة، شكلت عبئاً كبيراً على إمكانات الإطفاء، وذلك نتيجة تكررها وتطلبها حالة من الاستنفار تحسباً من احتمال امتداد تلك الحرائق إلى داخل أراضي المحافظة ومنع أضرارها عن المحاصيل الزراعية.

بلاغات كاذبة
كل هذا الواقع الذي يزداد مرارة مع اشتداد درجات الحرارة والاحتمالية الكبيرة لوقوع حوادث الحريق، وكل هذا الاستنفار والجهود الكبيرة التي تبذل من مختلف الجهات المعنية في المحافظة، وبمؤازرة ومشاركة فاعلة من المجتمع المحلي الذي يسخر كل إمكاناته من صهاريج وجرارات وتركسات لمحاصرة تلك الحرائق والحدّ من الأضرار التي قد تلحق بأرزاق الفلاحين والاقتصاد الوطني، يطالعك ضعاف النفوس ممن يقدمون بلاغات كاذبة عن حرائق غير موجودة أصلاً، ما يمثل إشغالاً للآليات والعناصر بلا أي طائل، وتشتيت الجهود التي نحن بأمسّ الحاجة إلى توظيفها بشكل مدروس ودقيق، نظراً لمحدودية الإمكانات بالقياس للعدد الكبير من الحرائق الفعلية التي تقع على امتداد رقعة المحافظة.
والمأمول صحوة ضمير عند هؤلاء العابثين، فالضرر بالمحاصيل الزراعية لا يطول الفلاح صاحبها فقط، بل يطول لقمة عيشنا جميعاً، كما نأمل من المجتمع المحلي وكل المنابر التوعية إلى الانعكاسات السلبية لإشغال جهات الإطفاء الوهمي، مع أهمية استمرار تعزيز مشاركة أفراد هذا المجتمع في مكافحة الحرائق، ولنا على هذا الصعيد نماذج يحتذى بها من عدة بلدان ومدن، إذ تدخّل فيها المجتمع المحلي بتفاٍن موظفاً كل الإمكانات المتاحة لديه.

خطة عمل
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش أشار إلى أنه، مع اقتراب موسم الحصاد، وضعت خطة عمل للوقاية من الحرائق ومكافحتها وفق توجيهات وزارة الزراعة ومحافظة درعا، تنفذها وتديرها غرفة العمليات والاستجابة السريعة المشكّلة لهذه الغاية برئاسة محافظ درعا، والتي تهدف إلى التدخل السريع وإخماد الحرائق، وقد كان لعملها نتائج متميزة في مكافحة الحرائق والحدّ من انتشارها وتوسعها.
وبيّن مدير الزراعة أنه منذ بداية الموسم تم إخماد وإطفاء ما يزيد على ١٥٠ حريقاً بالمحاصيل الزراعية من قمح وشعير وأشجار مثمرة، عدا حرائق “الهشير” والأعشاب اليابسة في مناطق مختلفة، التي كان أوسعها في وادي اليرموك، إضافة إلى الاستنفار لأيام طويلة على الحدود الأردنية والتدخل عند الضرورة لمنع امتداد النيران التي كانت تشتعل في الجانب الأردني إلى داخل أراضي المحافظة، والتي يقدر عددها بحوالي ١٥٠ حريقاً غير الحرائق السابقة.

النيران التهمت ٢٧٠٠ دونم من القمح والشعير تعود لأكثر من ١٢٠ مزارعاً

ارتفاع ملحوظ
ولفت إلى أنه لوحظ هذا العام ارتفاع ملحوظ بعدد الحرائق منذ بداية موسم الحصاد، وأسباب الحرائق متنوعة، منها ما يعود للإهمال ورمي أعقاب السجائر والماس الكهربائي، وكذلك نتيجة حرق الأعشاب اليابسة وعدم القدرة على السيطرة عليها لاحقاً، كما قد تكون الحرائق مفتعلة أحياناً.
وبالنسبة للخسائر في المحاصيل الزراعية، ذكر الحشيش أنها متفاوتة بين خفيفة إلى كبيرة حسب ظروف كل منطقة وارتفاع درجات الحرارة والرياح، وبلغ إجمالي مساحات القمح المحترقة ما يقارب ١٥٠٠ دونم ومساحات الشعير ١٢٠٠ دونم، تعود ملكيتها لأكثر من ١٢٠ مزارعاً، مؤكداً أن هذه المساحات كان من الممكن أن تكون أكبر من ذلك بعدة أضعاف لولا التدخل السريع والتشاركية البناءة بين مختلف الجهات ذات العلاقة والمجتمع المحلي بعمليات إخماد الحرائق وحصرها في أضيق المساحات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مجلس محافظة الحسكة يطالب بزيادة مخصصات المحافظة من الطحين وزيادة الاهتمام بالمشاريع الخدمية في المدن والأرياف تبدأ من دمشق وريفها.. مذكرة تفاهم لدعم العيادات السنية المتوقفة في القطاع الحكومي والمنظمات غير الحكومية في اليوم الثالث لمؤتمر الباحثين السوريين في الوطن والمغترب.. مشاريع بحثية طبية وزراعية في مجال التقانة الحيوية علماء يكشفون سبب ازدياد العواصف والأمطار والأعاصير تشخيص سريع ومبكر لمرض التوحد يابانيٌّ في سورية أم سوريٌ في اليابان؟ أميركا و«كيانها» يراكمان صواعق الانفجار- بالجملة - في المنطقة.. حبس أنفاس مع توقعات عالية التشاؤم.. الأيام المقبلة حاسمة وليس في كل مرة تنجح خدعة جهود الاحتواء الدولية سورية تدين العدوان الصهيوني الإرهابي في طهران الذي أدى إلى استشهاد هنية روسيا تبدأ المرحلة الثالثة من «التدريب النووي غير الاستراتيجي».. زاخاروفا: لا نرى اهتماماً أميركياً ببدء حوار حول الاستقرار والحد من التسلح "السليقة" تراث متوارث تعود بقوة لتتصدر واجهة المؤونة