قُصارى القول

سنة 2011، بدأت الفكرة – المشروع الثقافي لدي.. وهي الاشتغال على النصوص التي يكتبها الأدباء من مختلف الأجيال والاتجاهات التي تميل لقُصارى القول، والتي تجمع بينها الكثير من الملامح، غير أنها تنتمي لأجناسٍ إبداعية تنوس بين السرد والشعر..

منها على سبيل المثال: القصة القصيرة جداً، وتنويعات من قصيدة النثر ، مثل: قصيدة الومضة، التوقيعة، والشذرة وغيرها، كما كان هناك العمودي الوجيز، والمحكي الوجيز.. وثالث أو رابع هذه الأنواع المقاربات التي تمّ “تبييئها” لتُعادل بعض الأنواع الأدبية اليابانية مثل: الهايكو، الهايبون، التانغا وغيرها..

وتمّ إنشاء صفحة إبداعية على (الفيسبوك) تنشر كلَّ ما سبق، وأخذت اسماً: “الملتقى السوري للنصوص القصيرة”، ولم نكتفِ بذلك، بل جمعنا أدباء الصفحة الفيسبوكية لنقيم فعاليات بدأت دورية كل ثلاثة أشهر مرة تحت اسم “فعاليات الأدب الوجيز” حيث نُقيم هذه الأيام فعالياتها بنسختها ال(26)، والتي يُشارك فيها أدباء من مختلف المحافظات السورية، وكثيراً ما حضر أدباء عرب من مختلف الدول العربية، وشاركونا هذه الفعاليات، وغالباً ما تستمر الفعالية لثلاثة أيام، وقد نتج عن هذه الفعاليات عشرات المجموعات الأدبية التي ينطوي نتاجها ضمن إطار الأدب الوجيز..

أريد أن ألفت الانتباه لأمرٍ طالما وقع فيه الكثيرون، وهو أن (الأدب الوجيز) ليس نوعاً أدبيّاً واحداً، وإنما هو (إطاراً) يجمع كما أسلفنا الكثير من الأنواع الأدبية، صحيح أن الكثير من الملامح تجمعُ بينها، ولكن كلّ نوع يتميز بملمحٍ يكون أوسع من الملامح الأخرى في النوع الواحد، على سبيل المثال ملمح “الحكائية”، يوجد في كلِّ الأنواع السابقة تقريباً، غير أنه سيكون شرطاً رئيسيّاً في القصة القصيرة جداً، وكذلك المشهدية، أو الرسم بعين الكاميرا، هي أيضاً متوافرة في مختلف تلك الأنواع السابقة، غير أنها شرط أساسي لكتابة نص الهايكو، ولديك أيضاً “الشعرية” التي هي شرط قصيدة الومضة، رغم أنها متوافرة في مختلف أنواع الأدب الوجيز..

ويجمع بين كل تلك الأنواع إطار (التكثيف) وقُصارى القول الذي هو شرط أكيد – رغم أنه ليس الوحيد – لكتابة كلِّ ما سبق، والتكثيف هنا ليس بمعنى الاختزال ومن ثمّ “التغميض” – من الغموص، والوقوع في مطب الألغاز، وليس المباشرة، والوقوع في مطب الخاطرة والأقوال المأثورة، وإنما التكثيف الإبداعي الذي يأخذ التقنيات البلاغية الحديثة كتحدٍّ لكتابة النص دون الوقوع في المطبات السابقة، من هذه التقنيات: الإخفاء، الانزياح، الإضمار، الحذف، واستثمار الرمز بشكلٍ إبداعي ومثمر.. والحديث يطول بالتأكيد…

هامش:

……………

وفي

آخر مواعيدها اختلفنا،

واشتدَّ الخلافُ،

وكان أن تعاركنا

و”تلاسنّا”،

حتى

وصل الوردُ للركب!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار