حوارٌ غنيّ بمجمل تفاصيله… كليب: ما حصل في غزة حلقة في مسلسل تدمير الدول العربية
تشرين- هبا علي أحمد:
ربما من مميزات العمل الصحفي إتاحة الاطلاع على مختلف الرؤى والتوجهات ووجهات النظر، ومنها الاقتراب من شخصيات في الفكر والأدب والسياسة والثقافة خبرت الوقائع ودخلت في حيثياتها.. ومن المصادفات الجميلة في هذه المهنة اللقاء بشخصيات استثنائية في لحظات استثنائية محلياً وإقليمياً ودولياً من أمثال الإعلامي والكاتب اللبناني الدكتور سامي كليب خَبِر لعبة الأمم ودخل في تفاصيلها وقدمها في كتب ومقالات وندوات وبرامج تلفزيونية في مختلف الفضائيات والمحطات، وبالتالي من البدهي أن تواجده مكسب للاطلاع عن كثب على أفكاره ورؤاه وتبادل الأحاديث والمناقشات، وليس غريباً أنّ تتحول محاضرته في اتحاد الكتّاب العرب في دمشق إلى بوابة للحوار الودّي وتبادل النقاش حول أهم ما نشهده اليوم حول القضية الفلسطينية وما أفرزه السابع من تشرين الأول.
اللافت والمميز في هذا الحوار أنه لم يكن رسمياً بقدر ما كان حواراً وديّاً.. حوار من محبّ لمحبّ، لمسه الضيف الذي عبّر عن سعادته لتواجده في سورية وبين شعبها المُحبّ، ولمسناه لدى كل من حضروا عبر حضورهم واهتمامهم بالموضوع ولخصوصية الضيف المثقف المتواضع الذي فضّل عدم الإطالة في عرض ما يتضمنه الجزء الخاص بغزة من كتابه “تدمير العالم العربي غزة نموذجاً” لإتاحة المجال للحوار وتبادل وجهات النظر وكان بود الجميع، الضيف والحضور، الاستفادة المتبادلة وقضاء المزيد من الوقت في الحوار لولا الالتزامات التي حالت دون ذلك.
من كان موجوداً لا بدّ أنّه أدرك مدى الشغف لدى كل واحد -وأنا منهم- للاطلاع على أفكار الضيف ومناقشته حتى احتاج الأمر مقاعد إضافية لاستيعاب الحضور الذي كان قريباً من المنصة ومحيطاً بالدكتور كليب.. الحضور الذي كان متنوعاً وغنيّاً مثل غنى الضيف في الفكر والفن والسياسة والأدب والثقافة من سياسيين وسفراء دول في سورية وفنانين وغيرهم الذين اجتمعوا تحت دعم القضية الفلسطينية، وهذه الصورة تعكس أن تقديم رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور محمد الحوراني للدكتور سامي درع الاتحاد ليس واجباً بل من باب المحبة وتقديراً لمواقفه وجهوده في دعم وخدمة القضايا العربية.
ولعلّ ما تحدّث به الدكتور الحوراني حال لسان كل من حضر ومن كان يرغب في الحضور ومنعه ظرفه، إذ قال:
عندما تتحدّث عن سامي كليب فأنت تتحدّث عن شخصية مختلفة تماماً.. وإذا أراد المرء أنّ يتحدّث عن قيمة وقامة فإنها نادرة في الإعلام العربي والدكتور كليب واحد من الأسماء البارزة التي لا يمكن الحديث عنها بعيداً عن سورية وعن أي من القضايا العربية ولاسيما القضية الفلسطينية دائمة الحضور في قلبه وروحه، وعن الفعل اللبناني المقاوم.
وخلال الحوار الذي أقامه الاتحاد بعد ظهر اليوم تحت عنوان: “تدمير العالم العربي من حرب الهوية إلى الإبادة -غزة نموذجاً” لفت كليب إلى أنّ ما وصلنا إليه راهناً والمستمر منذ ٧٧ عاماً هو خط بياني لتدمير أي دولة تدافع عن فلسطين أو أي دولة لا تريد أن تسير في المشروع المرسوم للمنطقة، لافتاً إلى أن العودة بالتاريخ ومفاصله ومقارنة مع الدول العربية التي تم تدميرها يكتشف المرء أن كل تلك الدول دافعت عن فلسطين وقضيتها، مُستعرضاً العديد من التواريخ والأحداث اللافتة والتي سبقت السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣ من قمة العشرين والإعلان عن الممر الهندي والحديث عن غاز غزة إلى تعزيز العلاقات الروسية – الصينية وقبلها المصالحة السعودية- الإيرانية برعاية صينية، ولقاءات قوى محور المقاومة.
وبناء على معطيات ومعلومات تحدث عنها كليب في كتابه ولا سيما ما يتعلق بغزة والتحذيرات التي تلقاها كيان الاحتلال قبل السابع من تشرين الأول من عملية مرتقبة للمقاومة الفلسطينية، تساءل كليب هل ما حصل في غزة نتيجة السابع من تشرين الأول أم نتيجة مخطط أكبر وأعمق وأخطر عبر التاريخ؟ لماذا دول بعينها كسورية ولبنان والعراق واليمن والجزائر وليبيا والسودان دُمرت دون غيرها؟ مجدّداً التأكيد أن ما حصل في غزة حلقة في مسلسل تدمير الدول العربية.
وأشار كليب إلى أنّ السؤال الذي يجب أن يُطرح ونُحاسب عليه، هل سيضيع العرب مرّة جديدة بعد ٧٧ عاماً فلسطين مرّة أخيرة أمام كل الانفراج الدولي الموجود والفرصة التاريخية والعسكرية المواتية؟
وفي تصريح صحفي، قال كليب: نشترك هنا في هذا الحوار بالهم نفسه وهو كيف نوظف ما حصل من بطولة استثنائية للشعب الفلسطيني الجبار في السياسة في المرحلة المقبلة كيلا نخسر فلسطين والقضية العربية بشكل عام؟ كما نوّه كليب إلى عدم وجود مراكز أبحاث وإنتاج فكري يُساند قضايانا العربية المحقة، داعياً إلى ضرورة وجود استراتيجيات إعلامية عربية كبرى تُصحح المسار وقادرة على التعاطي مع المُتغيرات، مع ضرورة وجود إنتاج فكري مُساند ومعبّر عن قضايانا.