منصّة «تشرين» .. كيف تكون سندات وأذونات الخزينة داعم فعّال للاقتصاد والتنمية.. متخصصون يتوافقون على توسيع المروحة باتجاه الشركات والجمهور لاحصرها بالمصارف

تشرين – ماجد مخيبر – رشا عيسى-ابراهيم غيبور :

بعد إطلاق أول مزادات سندات الخزينة للعام الجاري، وتوجه الأنظار لها كإحدى الأدوات النقدية والمالية المستخدمة في خفض التضخم، تدور التساؤلات حول فعاليتها في ظل الضائقة الاقتصادية الوطنية، ومن المنتظر إجراء خمسة مزادات أخرى خلال هذا العام، خاصة أن سندات الخزينة تمتاز بأنها استثمارات خالية من المخاطر.
ومع توالي المصاعب تثبت الوقائع أنه لا حلول سحرية أمام الركود التضخمي الذي يواجه الاقتصاد المحلي، ولا يمكن لأداة مالية أو نقدية على أهميتها أن تحدث الفارق الإيجابي المنتظر والذي تتحدد أركانه من خلال عمل متكامل يحتاج استغلالاً فعلياً لموارد القطاع العام الاقتصادي وإدارة أملاك الدولة، بحيث تشكل موارد أساسية للموازنة العامة، وتحسن البيئة الاستثمارية عبر قنوات تشكل عوامل جذب للمدخرين والمستثمرين، في وقت برز فيه (انقسام) بين النخب الاقتصادية حول تصدير المزيد من سندات الخزينة، مع وجود فريق يدعمها ويقدمها كأحد الحلول المناسبة للوضع الحالي، وفريق آخر يرى أن الظرف الاقتصادي ليس مناسباً لطرح سندات خزينة، مشترطاً إن كان ولابد من ذلك أن تجري بكميات قليلة مع الابتعاد عن المصارف.
منصة “تشرين” تواصل مناقشة القضايا الاقتصادية الملحة والأكثر جدلية على الساحة الوطنية، وتعرض الآراء المتنوعة حول سندات الخزينة، والمناخ المناسب لتفعيلها وقطف ثمارها الإيجابية، بوجود ضيوفها (رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عبد الرزاق القاسم، مدير الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة والتخطيط في مصرف سورية المركزي منهل جانم، والباحث الاقتصادي أستاذ النقود والمصارف في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، ومدير الإيرادات في وزارة المالية أنس علي).

الموارد المتاحة بين أيدينا
في بداية الحوار أشار رئيس مفوضية هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عبد الرزاق القاسم إلى أنه في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي يعانيها الاقتصاد الوطني والعقوبات الجائرة المفروضة على بلدنا، لم يبق أمامنا سوى الموارد المتاحة وكيفية استغلالها بأفضل الوسائل الممكنة للوصول إلى أفضل طريقة لتنمية حقيقية في الناتج المحلي خلال المرحلة المقبلة.. ولتحديد الموارد المتاحة بين أيدينا والموجودة في الاقتصاد المحلي، ويجب أن نحدد كيفية استغلالها بشكل مناسب، لنصل الى نتيجة أفضل.

القاسم: لم يبق أمامنا سوى الموارد المتاحة وكيفية استغلالها بأفضل الوسائل الممكنة للوصول إلى أفضل طريقة لتنمية حقيقية في الناتج المحلي

القاسم: يجب العمل باتجاه استغلال الموارد المخصصة للقطاع العام الاقتصادي وتحسين إدارة أملاك الدولة وتحسين البيئة الاستثمارية

محاور رئيسة
وحدد القاسم ثلاثة محاور رئيسة يجب العمل عليها للوصول إلى نتائج أفضل وهي:
المحور الأول: يتركز حول الوصول إلى استغلال الموارد المخصصة للقطاع العام الاقتصادي، بحيث يستطيع هذا القطاع من خلال الكم الهائل في الموارد الموجودة بين يديه أن يزيد الفوائد الاقتصادية الموردة إلى وزارة المالية، وبالتالي يخفض من العجز الذي يظهر في الموازنة العامة وتكون بمنزلة رافد أساسي، وبالتالي تحسين استغلال هذه الموارد يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي، ويساهم فيها القطاع العام الاقتصادي.

المحور الثاني: يتمثل في تحسين إدارة أملاك الدولة بحيث تشكل موارد أساسية للموازنة، وبالتالي الحصول على موارد من أملاك الدولة أفضل من الوضع الراهن ما يساهم في تحسين الناتج المحلي.
المحور الثالث: يتجسد في تحسين البيئة الاستثمارية عبر دفع المدخرين المحليين إلى التوجه نحو الاقتصاد الحقيقي من خلال إيجاد قنوات استثمارية تقنع هؤلاء المستثمرين بالدخول إلى الاستثمار في قطاع الإنتاج، ما يؤدي إلى تعزيز الناتج المحلي.

دور السندات
يتمثل دور سندات الخزينة في مجمل هذه العملية، وفقاً للقاسم، في أن يكون هناك رؤية حكومية قائمة على طرح مشاريع استثمارية تنعكس إيجاباً على الناتج المحلي، من حيث انعكاسها على سداد السندات والفوائد التي ستدفع لها، و في هذه الحالة تشكل سندات الخزينة أداة حقيقية في يد الحكومة لتمويل هذه المشاريع الاستثمارية من دون اللجوء إلى زيادة الإصدار النقدي، وبالتالي تشكل هذه السندات أداة للحد من التضخم، ضمن هذه الرؤية يمكن للسندات أن تكون أداة فعالة في يد الحكومة من أجل المساهمة في تحسين الناتج المحلي وتخفيض أو الحد من التضخم.

التنسيق بين السياسات المالية والنقدية
مدير الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة والتخطيط في مصرف سورية المركزي منهل جانم، ركز على أن التنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية يعد من القضايا الأساسية الداعمة للمصرف المركزي لتحقيق الهدف الأساسي باستقرار الأسعار وكبح التضخم واستقرار سعر الصرف.

جانم: التنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية من القضايا الأساسية الداعمة للمصرف المركزي لاستقرار الأسعار وكبح التضخم واستقرار سعر الصرف

جانم: أهم جانب يربط السياسة المالية بالسياسة النقدية في الوضع الراهن هو موضوع عجز الموازنة العامة وآلية تمويلها وهيكلة الإنفاق ما بين الجاري والاستثماري

 

ورأى جانم أن أهم جانب يربط السياسة المالية بالسياسة النقدية في الوضع الراهن هو موضوع عجز الموازنة العامة وآلية تمويلها وهيكلة الإنفاق، ما بين الجاري والاستثماري، وهي من القضايا الأساسية، فالتضخم له جوانب متعددة ومعقدة في واقع الاقتصاد،س وهناك مصدران أساسيان له ينجمان عن (مصدري صدمة) وهما، صدمة على جانب العرض، وصدمة على جانب الطلب، وهاتان الصدمتان متمثلتان في تعطيل الإنتاج، و وجود أسباب متعددة تدخل في تفاقم معدل التضخم يجعل من تحقيق الهدف لأي أداة سواء كانت على المستوى المالي أو النقدي موضوعاً معقداً.

ركود تضخمي
اليوم الاقتصاد السوري يمر في مرحلة ركود تضخمي، كما وصف جانم، أي هناك تعطل في عوامل الإنتاج من جانب، وهناك تصاعد في التضخم نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية من جانب آخر، كزيادة التكلفة محلياً أو التضخم المستورد أو أمور تتعلق ببعض المراحل التي مررنا بها سابقاً، وخاصة بسعر الصرف ووجود بعض الاتجاهات التي اتخذتها الحكومة لعقلنة الدعم وإعادة هيكلته، ما يخفف العبء عن الموازنة العامة.

القاسم: المصرف المركزي لا يعامل كمؤسسة اقتصادية بمعايير الربح والخسارة بل له سياسة نقدية معينة ومسموح له أن يستخدم كل الأدوات الموجودة والتي يرى بها مصلحة الاقتصاد

لا حل سحرياً
وعليه، فإنه لا يوجد اليوم حل سحري يختصر بأداة معينة، كما يؤكد جانم، إنما هو عمل متكامل وفق الرؤية التي عرضها الدكتور قاسم والمتضمنة المحاور الثلاثة السابقة الشرح.

شهادات الإيداع
وعن شهادات الإيداع، أوضح جانم أنها متوقفة حالياً، وتعد إجراءً نقدياً لإدارة العرض النقدي في الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أنه خلال العام 2021 كانت تجربة إصدار شهادات الإيداع بالليرة وبالعملات الأجنبية، الإصدار كان موجهاً نحو المصارف بشكل مباشر، من دون أن يلغي التوجه لإصدار شهادات الإيداع للأفراد، حيث كان هناك إعادة رؤية بعد مراجعة التجربة السابقة لاستخدام هذه الأداة النقدية الفاعلة بما يحقق أهداف السياسة النقدية.

علي: سندات الخزينة استثمارات خالية المخاطر وهي أفضل أداة للاقتصاد لأنها تتصف بأنها طويلة الأجل تمتد من سنة إلى 30 سنة.. وطرحت للاستفادة من الأموال الموجودة في الاقتصاد

علي: الزبون الأفضل للسندات هو المصارف بالدرجة الأولى ثم الأفراد من الصناعيين الذين يعرفون معنى تنويع المحفظة الاستثمارية الموجودة لديهم ثم الشركات والنقابات والصناديق.. ونحن مقبلون بالتنسيق مع شركات الوساطة للوصول إلى هذه الصناديق

في المرحلة السابقة وجهت للمصارف مع وجود فائض السيولة لديها، وكان عليها تكاليف معينة، وليتم دعمها للقيام بنشاطها وعدم تحميلها أعباءً إضافية، أصدرت شهادات الإيداع التي تعوض عن التكلفة بجزء معين لتتمكن المصارف من ممارسة مهامها بما فيها قبول الودائع.. في النهاية لا يوجد مانع من تحمل الحكومة العبء إن كان الهدف النهائي هو تحقيق رؤية الدولة.

سياسة نقدية معينة
الدكتور القاسم جدد أن المصرف المركزي لا يعامل كمؤسسة اقتصادية بمعايير الربح والخسارة، بل له سياسة نقدية معينة، ومسموح له أن يستخدم كل الأدوات الموجودة والتي يرى فيها مصلحة الاقتصاد.

وفي تلك الفترة كان من الأفضل تصدير شهادات الإيداع، حيث كانت تكلفة شهادات الإيداع لا تعادل تكلفة الإصدار النقدي المتعلق بالكمية من النقود التي كانت ستصدر وتضخ كما يشرح قاسم، حيث كان يوجد فوائض نقدية موجودة عند القطاع المصرفي، وبدل أن نمول عن طريق إصدار نقدي جديد جاءت فكرة أن نصدر شهادات الإيداع، وبالتالي كانت تكلفة شهادات الإيداع في تلك المرحلة أقل من عملية الطباعة وإصدار نقدي جديد، إضافة إلى ذلك عندما يصدر المركزي شهادات إيداع ويدفع عليها فائدة للقطاع المصرفي هذا يخفض من التكلفة المرجحة على القطاع المصرفي، وبالتالي إمكانية أن يذهب باتجاه إقراض بمعدلات فائدة أقل، وفي كل المصارف المركزية لا يتم إعادة استثمار شهادات الإيداع.

كنعان: علينا أن نحدد..هل الاقتصاد الوطني جاهز لطرح سندات الخزينة؟ وهل لديه القدرة على طرحها ومن يشتريها؟

كنعان: اليوم نحتاج أن نسوق السندات للمواطنين وليس للبنوك.. لكن تبقى مشكلة الفائدة والتضخم

استثمارات خالية من المخاطر
مدير الإيرادات في وزارة المالية أنس علي أكد أن سندات الخزينة استثمارات خالية المخاطر، وتحدث عن الإصدار الأول لسندات الخزينة وكان عام 2010 بموجب المرسوم رقم 60 للعام 2007، وفي عام 2010 تم إجراء 5 مزادات، وفي عام 2011 تم إجراء مزادين لسندات الخزينة، ومع بداية الأزمة توقفت المزادات بسبب ظروف الأزمة والحالة الاقتصادية، ثم عاودنا الإصدار عام 2020 بعد انقطاع دام عشر سنوات، وبعد أن أصبح هناك فائض سيولة لدى المصارف، و وجود سيولة معطلة لدى القطاع المصرفي يستوجب علينا في الحكومة سواء في السياسة النقدية أو المالية وجود أدوات تستعمل للتوظيف، والخيارات المتاحة في المصرف المركزي من أدوات تعد قصيرة الأجل ومدتها 3 شهور، وهي ليست لتمويل مشاريع استثمارية، بل لتمويل أنشطة جارية.

لذلك كانت أفضل أداة للاقتصاد هي سندات الخزينة التي تتصف بأنها طويلة الأجل تمتد من سنة إلى 30 سنة، وطرحت سندات الخزينة للاستفادة من الأموال الموجودة في الاقتصاد.
الزبون الأفضل
يرى علي أن الزبون الأفضل لهذه الأوراق هو القطاع المصرفي، والورقة متاحة للمصارف وللأفراد، وفي عام 2022 تم الشراء من الاشخاص الاعتباريين من دون أن يحدث من أفراد طبيعيين لأسباب برمجية تقنية حيث لم تكن جاهزة وهذا حدث في أول مزادين عام 2020، أما المزادات الأخرى في عامي 2022 و 2023 كانت متاحة للأفراد.

علي: المصارف غير ملزمة بالاكتتاب على هذه السندات علماً أن المصارف تقوم بتمويل جزء من السندات وهي تقوم بذلك من أجل توظيف فوائض السيولة المتاحة لديها

وعن العام الحالي 2024، أوضح علي أنه يوجد 6 مزادات تم إجراء واحد منها حتى الآن، وهي متاحة للأفراد سواء كانوا طبيعيين أم اعتباريين، مشيراً إلى أن الإقبال لا يزال خجولاً، موضحاً أن الزبون الأفضل من وجهة نظره هو المصارف بالدرجة الأولى، ثم الأفراد من الصناعيين الذين يعرفون معنى تنويع المحفظة الاستثمارية الموجودة لديهم، ثم الشركات والنقابات والصناديق، (و نحن مقبلون بالتنسيق مع شركات الوساطة للوصول إلى هذه الصناديق)، كما قال علي.
وأوضح أن صندوق الدين العام يمول 6% وتكلفة السندات المرجحة ترتفع وتكون بين 3 إلى 4%، وهذا تتحمله الخزينة، في المقابل كل هذه الفوائد مولت مشاريع ونشطت السوق المصرفي والمالي، موضحاً أن القطاع العام الاقتصادي لديه مشاريع بحاجة للتمويل، يأخذها من صندوق الدين العام والصندوق يستفيد من الأموال القادمة من السندات ويمنحها للنواحي الاستثمارية في القطاع العام.

تهيئة متكاملة
الباحث الاقتصادي وأستاذ النقود والمصارف في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، أكد أن الطريقة الأفضل لاستخدام السندات هي أن نجاوب عن عدة اسئلة أبرزها؛ هل الاقتصاد الوطني جاهز لطرح سندات الخزينة؟، وهل لديه القدرة على طرحها ومن يشتريها؟.. ومن أبرز الأزمات التي أعاد طرحها كنعان ويعانيها الاقتصاد، القطاع العام وجدوى الاستثمار وإدارة أملاك الدولة والقطاع الخاص، ويضيف لها موضوع الدعم الذي لا يوجد أفق محدد له ولم يتبلور حجم الدعم سواء للمشتقات النفطية أو للكهرباء أو للدقيق والسكر، وهو لا يزال موضوعاً مبهماً وفقاً لكنعان، ويضيف مشكلة خامسة وهو سعر الصرف الذي يؤثر في كل ما سبق، مشيراً إلى أن سعر الصرف الحالي ليس حقيقياً مقابل الليرة، حيث الأسعار في السوق تسعر على سعر، وقيمة صرف العملة على سعر آخر، وأصبح هناك هوة بين السعر المحدد وسعر صرف الأسعار كلها .

القاسم: ما تستخدمه المصارف في شراء السندات هو جزء من احتياطي السيولة وإدارة المصارف هي الأقدر على تقدير المخاطر وأين يجب أن يتم استثمار هذه الفوائض

ووسط هذا التشوه كما يصفه كنعان، يتساءل: كيف نصدر سندات خزينة؟، لذلك نحتاج تشخيص الحالة حتى نضع الحلول ونحدد من سيشتري السندات؟ وإذا ألزمت البنوك سنكون سائرون باتجاه الإفلاس على غرار التجربة اللبنانية.
اليوم نحتاج أن نسوق السندات للمواطنين وليس للبنوك، ولكن تبقى مشكلة الفائدة والتضخم، نحن أمام مشكلة تحتاج دراسة من جميع الجوانب من الجزئية إلى الاقتصاد الكلي، ويرى أنه في هذه الظروف ليس من المناسب طرح السندات، وإذا كان ولابد من طرحها فبكميات قليلة والابتعاد عن البنوك، بينما وجد الدكتور القاسم أن موضوع السندات لم يتعدَ فكرة التجربة، وأن حجم الإصدارات لم يتجاوز الـ353 مليار ليرة سورية.
أما أنس علي مدير الإيرادات في وزارة المالية فيرى أن المصارف غير ملزمة بالاكتتاب على هذه السندات، علماً أن المصارف تقوم بتمويل جزء من السندات، وهي تقوم بذلك من أجل توظيف فوائض السيولة المتاحة لديها بشراء هذه السندات كونها خالية من المخاطر، وكل مصرف يكتتب حسب سيولته والسندات أداة تتيح توظيف هذه الأموال.

تطوير هذه السندات
ورداً على سؤال عن إمكانية توجيه البنوك للعمل في مجال الإقراض لتحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية وترك الاكتتاب بالسندات للجمهور، قال كنعان: إن هناك مؤشر عالمي للودائع والإقراض من الودائع فيجب توظيف نسبة 85 % من الودائع بالإقراض والاحتفاظ بنسبة 15 % سيولة يمكن للحكومة أو لوزارة المالية أن تأخذ ما نسبته 1 إلى 2% منها لتمويل أذونات أو سندات الخزينة وهذه الفوائض هي فوائض قطاع عام .

علي: خيار طرح سندات بالعملات الأجنبية متاح ويحق لنا إصدار الصكوك الإسلامية وهي ورقة تشبه السندات من حيث أنها أداة تمويل وتمتاز عنها بأنه يحق لأصحابها الانتفاع بمشروع معين

أما عبد الرزاق قاسم رئيس هيئة الأوراق المالية، فقال: إن ما يتم استخدامه هو جزء من احتياطي السيولة، وإدارة المصارف هي الأقدر على تقدير المخاطر وأين يجب أن يتم استثمار هذه الفوائض، وذلك لا يتطابق مع مفاهيم الإدارة المصرفية التي تتحمل المخاطر والنتائج، كما أن مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف أخذا قراراً بأن يتم توزيع محفظة القروض بنسبة 75 % قروضاً إنتاجية، و25 % قروضاً استهلاكية لتنشيط الاقتصاد والإنتاج وتحسين سعر الصرف، وهذا يحتاج فترة زمنية للوصول إلى هذه النتيجة.

طرح سندات بالعملات الأجنبية
وحول هل هناك ما يمنع من طرح سندات بالعملات الأجنبية بفوائد معينة، أكد مدير الإيرادات في “المالية” أن هذا الخيار متاح، ويحق لنا إصدار نوع من الأوراق المالية هي الصكوك الإسلامية وهي ورقة تشبه السندات من حيث إنها أداة تمويل، وتمتاز عنها بأنه يحق لأصحابها الانتفاع بمشروع معين كتمويل محطة حرارية معينة، حيث يتم طرح ورقة أو ما يسمى الصك لمصلحة وزارة الكهرباء ويصبح لصاحبها الحق بالانتفاع بأرباح هذه المحطة، وتحمل الخسائر أيضاً، والتوجه الحالين وبإشراف هيئة الأوراق المالية ومصرف سورية المركزي، لإصدار هذا النوع من الصكوك، ونحن كوزارة مالية نستفيد منها لاستهداف السيولة الموجودة خارج القطاع المصرفي، والصكوك كورقة جديدة سيتم طرحها وسيكون لها إيجابيات، وهي تغطي شرائح أخرى غير تلك المكتتبة بالسندات.

القاسم: حتى نصدر صكوكاً بالقطع الأجنبي يجب أن تكون لدي أماكن توظيف بالقطع الأجنبي وحسب مشروع القانون المقترح فالصكوك ليست للحكومة فقط، وإنما يمكن للمصارف الإسلامية وأي شركة لديها مشروع وتعجز عن تمويله

رئيس هيئة مفوضي الأوراق المالية رأى أنه حتى نصدر صكوكاً بالقطع الأجنبي، يجب أن تكون لدي أماكن توظيف بالقطع الأجنبي، وحسب مشروع القانون المقترح فالصكوك ليست للحكومة فقط، وإنما يمكن للمصارف الإسلامية وأي شركة لديها مشروع وتعجز عن تمويله أن تلجأ إلى هذه الصكوك كمصدر من مصادر التمويل، وعلى من يرغب في ذلك أن يقدم دراسة لهيئة الأوراق المالية لتقيم مدى التزامه، وستكون هناك شركات “ذات قرض خاص” ستمثل حملة الصكوك، وتقوم بمراقبة مدى التزام المشروع لتضمن استخدام الأموال المقترضة في الغاية نفسها التي تم إصدار الصكوك لأجلها.

الطاقات البديلة
ووفقاً للقاسم، فيمكن أن تكون مشروعات الطاقة البديلة إحدى الجهات القادرة على إصدار مثل هذه الصكوك بالعملات الأجنبية لتمويلها، وهي مشروعات إدارتها سهلة جداً، إذ توجد المؤسسة العامة للكهرباء ستقوم بالشراء منها وفقاً لأسعار محددة مسبقاً، ونفقاتها التشغيلية محدودة، لذلك سيكون تحديد معدل العائد الذي سيحققه المستثمر ممكناً، ونحن في سورية نحتاج مثل هذه المشروعات في ظل العجز في موازنة الطاقة حالياً.

القاسم: يمكن أن تكون مشروعات الطاقة البديلة إحدى الجهات القادرة على إصدار مثل الصكوك بالعملات الأجنبية لتمويلها

ولفت القاسم إلى أنه في حال رغبنا في اعتماد إصدار مثل هذه الصكوك التي لا توجد فيها معدلات فائدة، وإنما مشاركة في الأرباح(العائد)، يجب أن تكون لدينا إدارة فعالة جداً، تحقق الأرباح وتسدد لحملة الصكوك، لذلك يجب اختيار إدارة للمشروع تديره بعقلية اقتصادية، خلافاً لما كان سائد سابقاً، وهناك الكثير من الدول التي توجد فيها مشروعات للقطاع الحكومي تدار بعقلية أنجح من المشاريع الخاصة، وهذا ممكن لدينا لاسيما بعد صدور القانون المتعلق بالشركات المساهمة العمومية، الذي أتاح لإدارات هذه الشركات نوعاً من المرونة في حال إحداثها في مجالات الاستثمار والبيع والشراء والتوظيف.

محصورة بالمشروعات التصديرية

القانون أعطى للمصارف إمكانية قبول ودائع بالقطع الأجنبي، تسدد عند الطلب، وفقاً للدكتور القاسم، لكن الإشكالية تكمن في؛ أين ستوظف المصارف هذه الودائع لتحصل على عوائد تمكنها من دفع الفوائد المترتبة عليها بالقطع الأجنبي، ولحل هذه المشكلة رأينا في مشروع القانون المقترح، أن تكون الصكوك بالعملات الأجنبية، محصورة بالمشروعات القادرة على تحقيق دخل بالقطع الأجنبي، وهذا كما طرحنا سابقاً يتطلب إعادة هيكلة للاقتصاد الوطني، فما دام يوجد لدينا عجز في ميزان المدفوعات، فالحل يكمن بالعودة إلى الإنتاج الحقيقي والتصدير حتى نصل إلى نوع من التوازن في ميزان المدفوعات، لهذا يمكن توظيف السندات بالعملات الأجنبية لتأمين مستلزمات مشروعات لديها قدرة تصديرية.

القاسم: الصكوك بالعملات الأجنبية يجب أن تكون محصورة بالمشروعات القادرة على تحقيق دخل بالقطع الأجنبي، وهذا يتطلب إعادة هيكلة للاقتصاد الوطني

الصناديق الحديدية
من جهته أيد الدكتور علي كنعان هذا الطرح، مبيناً وجود مبالغ دولارية هائلة بين أيدي السوريين في الداخل، تقدر بأكثر من ٨٠ مليار دولار، لكنها مكتنزة بدليل أنك لو رغبت في شراء صندوق حديدي اليوم “خزنة” فإنك ستنتظر مدة ثلاثة أشهر حتى يصل دورك لشدة الطلب عليها، وهذا مرده إلى التعقيدات النقدية الكبيرة الموجودة في اقتصادنا سواء بالليرة أم بالعملات الأجنبية، ظناً منا أنها ستحافظ على سعر الصرف، والحل يكمن في أن ننتج، لكن للأسف الإنتاج يتراجع يومياً بسبب القيود.

كنعان: توجد مبالغ دولارية هائلة بين أيدي السوريين في الداخل تقدر بأكثر من ٨٠ مليار دولار لكنها مكتنزة

مضيفاً: في حال أصدرنا صكوكاً دولارية، علينا أن نضمن عائداً بالدولار لحملتها، وهنا يمكن توجيهها إلى منشآت تستورد مواد أولية وتنتج، لتصدر جزءاً وتحقق تدفقات نقدية بالعملات الأجنبية، لسداد الاستحقاقات في موعدها، وهذا كله تحت إشراف هيئة الأوراق المالية.

كنعان: إذا رغبت في شراء صندوق حديدي اليوم “خزنة” فإنك ستنتظر لمدة ثلاثة أشهر حتى يصل دورك لشدة الطلب عليها، وهذا مرده إلى التعقيدات النقدية الكبيرة الموجودة في اقتصادنا

تكملان بعضهما
وبين الدكتور القاسم أنه في حال السماح بإصدار الصكوك بالعملات الأجنبية، يمكن هنا لوزارة المالية أن تقوم بإصدار سندات الخزينة، لتمويل المشروعات التي ليس لها عائد مباشر، كتمويل قنوات الري للزراعة مثلاً، أما المشروعات ذات العوائد المباشرة فيمكن أن تلجأ إلى إصدار الصكوك، وتالياً فكل من السندات والصكوك هما أداتان تكملان بعضهما البعض.
السندات ليست عبئاً
وعاد مدير الإيرادات في وزارة المالية أنس علي ليؤكد أن اكتتاب المصارف على السندات ليس إلزامياً، وليس عائقاً أمام توظيف أموالها في قنوات أخرى، وعندما تجد أوجه استثمار أخرى تعطيها عائداً أعلى من عوائد السندات، فمن المؤكد أنها ستستثمر فيها.

علي: دور السندات محدود في التأثير على معدلات التضخم، لقلة حجمها، لكنه في الجانب الإيجابي، وأعطانا حلولاً للمصارف حتى تستثمر فوائضها ومكن وزارة المالية من إيجاد قناة تمويلية جديدة بلا آثار تضخمية وخفف من وطأة التمويل التضخمي على مصرف سورية المركزي وأعطينا سوق دمشق للأوراق المالية ورقة دين يمكن تداولها

وبين علي أن دور السندات محدود في التأثير على معدلات التضخم، لقلة حجمها، لكنه في الجانب الإيجابي، إذ أعطانا حلولاً للمصارف حتى تستثمر فوائضها وتحقق إيرادات لتكون قادرة على الإقراض، ومكن وزارة المالية من إيجاد قناة تمويلية جديدة بلا آثار تضخمية، وخففنا من وطأة التمويل التضخمي على مصرف سورية المركزي، وأعطينا سوق دمشق للأوراق المالية ورقة دين يمكن تداولها.

التضخم وسعر الصرف
ضمن الظروف الحالية والخيارات المتاحة، لا يمكن التضحية بسعر الصرف، وفقاً لتأكيد مدير إدارة البحوث والدراسات في مصرف سورية المركزي، منهل جانم، فهو هدف وسيط ضمن استراتيجية المركزي، لتحقيق الهدف النهائي في الاستقرار، وعندما تتغير الظروف والشروط، يمكن إعادة ترتيب الأولويات، بما يخدم مصلحة الاقتصاد، وحالياً لا يمكن التضحية بلقمة عيش المواطن.

جانم: ضمن الظروف الحالية والخيارات المتاحة، لا يمكن التضحية بسعر الصرف فهو هدف وسيط ضمن إستراتيجية المركزي لتحقيق الهدف النهائي في الاستقرار

وحسب جانم، فإن العجز المالي الحالي، والاقتراض النقدي المباشر، والذي في معظمه من المركزي، وضيق موارد الدولة، هي مشكلات اقتصادية كاملة، لا يتحملها المركزي وحده، ولا وزارة المالية، بل تتحملها سنوات من معاناة الاقتصاد الوطني، لذلك نبحث عن الحلول وفق الإمكانيات، سواء عبر السندات أو الصكوك، أو الشركات المساهمة، أو القرارات التي اتخذها مجلس النقد والتسليف، لتحفيز المصارف على تخصيص ٧٥% من محفظة قروضها نحو المشروعات الإنتاجية، مبيناً أن برنامج دعم الفوائد الذي تتحمل بموجبه الحكومة ٧% من فوائد القرض، هو للتشجيع على الإقراض والاستثمار والإنتاج.

جانم: العجز المالي الحالي والاقتراض النقدي المباشر وضيق موارد الدولة هي مشكلات اقتصادية كاملة لا يتحملها المركزي لوحده، ولا وزارة المالية، بل تتحملها سنوات من معاناة الاقتصاد الوطني

وأكد جانم، أن سعر الصرف ضمن المعطيات الحالية، وأولويات البلد، هدفه أن نحافظ بقدر الإمكان على إحدى الأدوات التي يمكننا إدارتها ضمن استراتيجيتنا، حتى نخفف من تقلبات الأسعار ونجعلها أقل ما يمكن.

جانم: في ظل ما يوجد لدينا من خلل في هيكلية الاقتصاد لا يمكننا الحديث عن تخفيض التضخم ما لم نخفض التكلفة.. وسعر الصرف هو الشيء الوحيد الذي نستطيع السيطرة عليه

وبيّن جانم أنه في دولة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، الذي يدخل في تكلفته جزء كبير من التضخم المستورد، وارتفاع التكاليف لدينا مقارنة بدول الجوار، بسبب العقوبات، إضافة إلى ما يوجد لدينا من خلل في هيكلية الاقتصاد، لا يمكننا الحديث عن تخفيض التضخم ما لم نخفض التكلفة، فسعر الصرف هو الشيء الوحيد الذي نستطيع السيطرة عليه، وقد أثبت مصرف سورية المركزي قدرته في ذلك، لأن التضخم الذي يمكن أن يحدثه ارتفاع سعر الصرف هو أضعاف مضاعفة لما سينتج عن ارتفاع التكاليف، لذلك فالمطلوب اليوم هو الاستقرار في سعر الصرف ضمن الأدوات المتاحة، والتضخم الموجود حالياً ليس بسبب سعر الصرف، إنما هناك عوامل أخرى.

كنعان: تم تثبيت سعر الصرف على حساب الأجور..

التوازن بين الأجور والأسعار
من جهته شدد الدكتور علي كنعان، على أن سعر الصرف هو أداة للسياسة النقدية، والتضخم هو مرض نتيجة كل السياسات المالية والنقدية والإنتاجية والاستيرادية، ولا يمكننا التحكم به إلا عبر سعر الصرف، بما يحقق هدف السياسات بإقامة توازن بين الأجور والأسعار، ولم نحقق ذلك خلال الفترة الماضية، وتم تثبيت سعر الصرف على حساب الأجور، متسائلاً: أيهما أفضل؛ سعر صرف منخفض مقابل أجور لا تتجاوز ١٠% من الناتج المحلي الإجمالي، بوجود أسعار محلقة أكثر من المستويات العالمية، أم سعر صرف مرتفع مع أجور متوازنة مع المستوى العام للأسعار؟.

كنعان: أيهما أفضل سعر صرف منخفض مقابل أجور لا تتجاوز ١٠% من الناتج المحلي الإجمالي بوجود أسعار محلقة أكثر من المستويات العالمية أم سعر صرف مرتفع مع أجور متوازنة مع المستوى العام للأسعار؟

وأكد كنعان أنه لا توجد دولة في العالم، مهما بلغت قوتها، تدعم سعر صرف عملتها، وفي حال أزلنا القيود فإن التاجر سيحضر أفضل المواد بأقل سعر، فهو مؤسسة إنتاجية وتسويقية واجتماعية وخيرية، وليس مصاص دماء، وعندما طلبنا من المؤسسات الدولية أن تعطينا أفضل نظام حوافز، جاء الرد بأن شركة خاصة سورية “أديداس” لديها أفضل نظام حوافز في العالم.!

• أدار الحوار: هيئة التحرير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار