٣٠ طناً من الذرة الصفراء استلمها فرع الأعلاف في حماة من أصل خمسة آلاف.. وقضية المجففات تقلق المزارعين
حماة – محمد فرحة:
“يخسر المرء لفرط ما يحاول أن يربح”، قد تكون عبارة “فولتين” هذه تلخيصاً للعديد من مجريات مواسمنا الزراعية، والذرة الصفراء مثال، ويمكن سحبها بالاتجاهين، الفلاح الذي راقت له تصريحات الحكومة الرسمية لجهة التأكيد على زراعة محصول الذرة الصفراء، نظراً للسعر الذي تمَّ تحديده بأربعة ملايين و٤٥ ألف ليرة للطن الواحد، زد على ذلك بأنَّ المجففات، ستكون جاهزة عند استلام وتسويق المحصول.. فماذا كانت النتائج ؟
لا المجففات كانت جاهزة، ولا الأسعار كانت في حينها تعادل أسعار المادة في الأسواق، يضاف إلى ذلك الشروط القاسية لجهة نسبة الرطوبة المطلوبة.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير فرع الأعلاف في حماة المهندس تمام النظامي لـ”تشرين”، أنَّ الكميات التي تمَّ استلامها من الذرة الصفراء، وفقاً للشروط المطلوبة، بلغت/ ٣٠ / طناً فقط.
وأضاف: كنا نتمنى أن نتسوّق كامل الإنتاج من المزارعين، ولاسيما أنه كان جيداً في مجال محافظة حماة.
من جانبه، لفت مدير الإنتاج النباتي في الهيئة العامة لتطوير الغاب المهندس وفيق زروف، إلى أنّ الإنتاج هذا العام كان مميزاً، حيث بلغ خمسة آلاف و٦٥٠ طناً في العروتين الرئيسة والتكثيفية في مجال الهيئة العامة لتطوير الغاب.
واستطرد زروف، بأن شروط مؤسسة الأعلاف كانت صعبة وقاسية -حسب وصفه- لجهة نسبة الرطوبة المحددة عند شراء المحصول، يضاف إلى ذلك أنَّ سعر الشراء كان غير مرغوب فيه، وغير مقبول لدى المزارعين، فهو أقل من أسعار السوق، فقام المزارعون ببيعه إلى التجار بأسعار أكثر ربحيه وهذا حقهم.
وتعقيباً على ذلك، هذا مؤشر على أن المزارعين فقدوا ثقتهم بتصريحات وزارة الزراعة بعد تجارب السنتين الماضيتين، لجهة تأمين مستلزمات المحصول من مجففات وتحديد سعر شراء مناسب، ما دفعهم إلى تجفيف المادة على الطرقات العامة، الأمر الذي ألحق بهم خسائر كبيرة، حيث زرعوا وبالغوا في المساحات، بهدف تحقيق أرباح تعوض زراعات أخرى، لكن المفاجأة جاءت عند تسليم المحصول، حيث تم تحديد سعر الطن بأربعة ملايين ليرة للطن، و٤٤٥٠ ليرة للكيلو، في الوقت الذي قررت فيه مؤسسة الأعلاف عدم استلام وشراء سوى الكميات المجففة آلياً، وكإثبات يجب أن تكون مرفقة ببيان منشأ صاحب المجفف، وهذا ما دفع بأصحاب المجففات الخاصة إلى استغلال مزارعي المادة، وفرض أسعار التجفيف.
وهكذا ذهبت جلّ الكميات للتجار، ونقصد هنا تلك التي تم تجفيفها عبر أشعة الشمس، وتبددت هذه الأحلام من جراء غياب المجففات الكافية، الذي دفع بالمزارعين لتجفيف إنتاجهم على الطرقات العامة والأسطح تحت أشعة الشمس، لطالما كان حلّ هذه المجففات عن طريق القطاع الخاص.
في هذا السياق، استلمت مؤسسة الأعلاف قبل أسبوع من الآن ٨٠٠٠ طن من الذرة المجففة من محافظتي دير الزور والرقة، عدا عن إنتاج محافظة حلب.
وهنا يطرح السؤال نفسه: مادام عمر هذه المشكلة سنوات عدة، ولنا في الموسم الماضي أسوة غير حسنة، فلماذا لم توافق الجهات المعنية لمؤسسة الأعلاف على شراء مجففات كافية تفي بالغرض المطلوب، بدلاً من استئجار مجففات القطاع الخاص واستغلال المزارعين، ولاسيما أنَّ محصول الذرة بدأ يلقى استحساناً ورغبة عند المزارعين؟
فهل وصلت وزارة الزراعة إلى العجز عن استيراد مجففات؟ تسعى وتؤكد على محصول أن يكون إستراتيجياً في السنوات القادمة وهو محصول الذرة الصفراء، لزوم المادة العلفية وغيرها بدلاً من استيراده؟ .
مما تقدم نستنتج أن الرابح في كل مجريات هذه الوقائع هي مؤسسة الأعلاف وأصحاب مجففات القطاع الخاص، فنحن صنّاع الأزمات في الوفرة وفي الندرة، والظريف في الأمر أن المعنيين يحسنون إدارتها .
بالمختصر المفيد؛ ثمة تبدلات طرأت على المحاصيل الزراعية عموماً، وخاصة ما كانت تسمى بالمحاصيل الإستراتيجية “القطن والشوندر والقمح”، وهاهو يضاف إليها اليوم محصول الذرة الصفراء لجهة التراجع، في ظل غياب المجففات الحكومية، قد يلتحق هذا المحصول بالمحاصيل الآنفة الذكر فقد بدأ التراجع بوضوح.