سورية تطالب بوقف تسييس العمل الإنساني وإنهاء ربط مشاريع التعافي المبكر وتمويلها بالمشروطية

طالبت سورية بوقف تسييس العمل الإنساني فيها وإنهاء ربط مشاريع التعافي المبكر وتمويلها بالمشروطية السياسية، والعمل على توفير الحلول المستدامة والرفع الفوري للإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية غير الشرعية التي تسببت بنتائج كارثية على الشعب السوري وحرمته من الحصول على أبسط مقومات حياته.
وقال القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم: إن إحاطة اليوم حول الشأنين السياسي والإنساني في بلادي هي الأخيرة هذا العام، وهي تعقد في ظل استمرار التهديدات والتحديات التي تواجهها سورية منذ سنوات، والناجمة عن الإرهاب والوجود العسكري غير الشرعي للقوات الأمريكية والتركية على أجزاء من الأراضي السورية، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المرافق الحيوية السورية، وتفاقم الأزمة الإنسانية جراء عدم وفاء المانحين بتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، إلى جانب التداعيات الكارثية للإجراءات القسرية الأحادية غير الشرعية التي تفرضها الدول الغربية، مشيراً إلى أن إدانة المجلس لجميع هذه الانتهاكات لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة تمثل مسؤولية قانونية وضرورة إنسانية.
وأضاف دندي: استمعنا لإحاطة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون، ونحن مستمرون بالحوار والتنسيق معه فيما يتعلق بالجوانب المتصلة بعمله، وقد أكد له نائب وزير الخارجية والمغتربين خلال لقائهما في جنيف الأسبوع الماضي، التزام سورية بعملية سياسية بقيادة وملكية سورية دون تدخل خارجي، وعلى أساس احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.
وأعرب دندي عن الأسف لمواصلة بعض الدول الغربية بعد 75 عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ازدراء هذا الإعلان من خلال تواطئها، بل وحتى شراكتها في الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي اعتداءاته المتكررة على البنى التحتية المدنية في سورية ولبنان، وآخرها العدوان بالصواريخ الذي استهدف ريف دمشق مساء الأحد الماضي، لافتاً إلى أن تمادي الاحتلال في هذه الاعتداءات قد يدفع المنطقة نحو تصعيد شامل لا يمكن احتواؤه أو تحمل عواقبه على المنطقة والعالم.
وأشار دندي إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يواصلان فرض إجراءات اقتصادية غير شرعية على سورية تؤثر بشكل كبير على التمتع بأبسط حقوق الإنسان، فهي تحرم المواطن السوري من الغذاء، والرعاية الطبية، والكهرباء، والسكن، والخدمات الضرورية، ويؤكد ذلك تقرير ألينا دوهان المقررة الخاصة المعنية بالأثر السلبي للإجراءات القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان، ومما جاء فيه: “لقد أدت شمولية أنظمة الجزاءات الأحادية القائمة ضد سورية، والامتثال المفرط المتزايد لها، ولا سيما بعد فرض الولايات المتحدة في عام 2019 قانون قيصر إلى وضع البلد في مأزق مع ما ترتب على ذلك من آثار سلبية خطيرة على مجموعة واسعة من حقوق الإنسان”.
ولفت دندي إلى أهمية اعتماد الجمعية العامة قبل يومين قرار “الإجراءات الاقتصادية الانفرادية بوصفها وسيلة للقسر السياسي والاقتصادي ضد البلدان النامية” الذي يطلب بشكل مباشر إلى الأمين العام رصد ودراسة أثر فرض تلك الإجراءات الانفرادية على البلدان المتضررة، معرباً عن تطلع سورية إلى إنجاز الأمم المتحدة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا” للدراسة الخاصة بأثر تلك الإجراءات القسرية الانفرادية على أنشطة الأمم المتحدة والوضع الإنساني في سورية.
وأوضح دندي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكتف بالخوض مباشرة في العدوان على قطاع غزة إلى جانب مجرمي الحرب الإسرائيليين، وتعاميها عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على البنى التحتية المدنية في سورية، بل تستمر في سياساتها الهدامة من خلال الإصرار على وجودها العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية، ودعمها للتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية، وسرقتها لثروات الشعب السوري من نفط وقمح وغاز، كما تستمر القوات التركية بوجودها غير الشرعي على الأراضي السورية، وتوفير الدعم اللوجستي والعسكري والمادي للتنظيمات الإرهابية الموجودة في شمال غرب سورية، والمدرجة على لوائح مجلس الأمن للجماعات الإرهابية.
وجدد دندي التأكيد على أن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم تشكل هدفاً أساسياً لسورية، وأن اللاجئ السوري العائد إلى وطنه يتمتع كغيره من المواطنين السوريين بكل الحقوق والواجبات التي يكفلها الدستور والقوانين، حيث تم اتخاذ إجراءات وتسهيلات من شأنها توفير العودة الكريمة للاجئين، وسورية مستمرة في اتباع مقاربة إيجابية لتجاوز تداعيات الحرب الإرهابية عليها، فبعد مرسوم العفو الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، تم مطلع هذا الشهر فتح باب تسوية

الأوضاع الأمنية لكل من دخل أو غادر سورية بطريقة غير مشروعة، كما تم الإعلان عن المزيد من الإجراءات ذات الصلة بالتجنيد وقوانين الخدمة العسكرية.
وبين دندي أن سورية تستمر بالتنسيق والتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، بهدف الارتقاء بالوضع الإنساني، حيث جددت مؤخراً الإذن الممنوح للأمم المتحدة باستخدام معبري باب السلامة والراعي لمدة ثلاثة أشهر إضافية، انطلاقاً من حرصها على وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مستحقيها بما في ذلك في الشمال الغربي، إلا أن هذه الجهود المشتركة تواجه مشكلة حقيقية تتمثل بانخفاض نسبة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي لم تتجاوز الـ 33 بالمئة رغم أننا على بعد أيام من نهاية العام، وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي، بسبب نقص التمويل، عن انتهاء برنامج مساعداته الغذائية بدءاً من الشهر القادم في جميع أنحاء سورية.
وأعرب دندي عن الاستغراب لتواصل بعض فرق الأمم المتحدة مع تنظيمات إرهابية مدرجة على لوائح مجلس الأمن، مشدداً على ضرورة وقف ذلك فوراً، ومؤكداً أن استمرار وجود مكتب “أوتشا” في غازي عينتاب يمثل هدراً للموارد على حساب أولئك الذين يستحقون المساعدة فعلاً.
وطالب دندي بوقف تسييس العمل الإنساني في سورية، وإنهاء ربط مشاريع التعافي المبكر وتمويلها بالمشروطية السياسية، والعمل على توفير الحلول المستدامة، والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية الانفرادية، مشدداً على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المطارات المدنية في سورية، والتي أدت إلى إلغاء ما مجموعه 27 رحلة جوية تابعة للأمم المتحدة للخدمات الجوية الإنسانية ما بين الـ 12 من تشرين الأول الماضي والأول من كانون الأول الجاري.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار