غزة في النصف الآخر من الكرة الأرضية تعاني لوحدها.. نتأمل المشهد تدمع عيوننا.. لكن الشاشة الباردة تبقي المشاعر بلا روح بلا مبادرة ..
غزة باتت أسطورة بطولة وصبر وثبات ..غزة كالقمر.. لكننا لا نرى منها إلا وجهاً واحداً وخلف ذلك متروك للخيال والتأمل والسعي وراءها .. وهذا الغيب الذي لا ندركه بأعيننا يحثنا على الاجتهاد والتفاؤل وراء حلم عودة العرب إلى مصاف الدول القوية التي تقول كلمتها وتضع شروطها وتحقق مصالح شعوبها ..وكلما أضاءت لنا المقاومة جانباً من الطريق فرحنا واستبشرنا بخير كبير
تحقّق هذا كله بفضل “طوفان الأقصى” الذي نجح في 70 يوماً بتحطيم أربعة أركان قامت عليها الدعاية الصهيونية 70 عاماً، أماط اللثام عن الوجه البشع للإجرام الصهيوني، وفتح عيون العالم على الظلم المستمرّ الذي كان الفلسطينيون يتعرّضون له طوال العقود الماضية، وكانت آلة الدعاية الصهيونية تحجُبه عن الرأي العام العالمي، وأظهر خطورة الحركة الصهيونية العالمية التي تتحكّم في قرارات الدول العظمى، وهذا ما سيؤدّي إلى تغذية حساسية الرأي العام الغربي تجاه تنامي نفوذ هذه الحركة داخل دولهم. وأخيراً أثار النقاش في الغرب عن مفهوم الحركة الصهيونيّة ونشأتها وأهدافها، والأساطير التي تأسّست عليها، خصوصاً فكرة الهولوكوست وكراهية اليهود، وقد بدأ الآن نقاش حقيقي وجدّي للفرز بين كراهية اليهود ومعاداة السامية، وبين انتقاد الصهيونية وجرائمها البشعة وانتقاد إسرائيل وسياسات حكومتها المتطرّفة والمجرمة، فالخلط بين هذه المفاهيم هو الذي ساهم طوال العقود الماضية في نجاح الصهيونية العالمية لترويج أطروحاتها العنصرية، وأكسبها الدعم الدولي الذي حظيت به في الغرب، وأدّى إلى تكميم كل الأفواه التي كانت تتجرّأ على انتقاد إيديولوجيتها الاستعمارية.
النصر لغزة وللشرفاء ..نتشارك هذه الحقائق اليوم مع الأصدقاء كما نتشاركها مع غيرهم وكثيراً ما سنلتقي في دروبها في الأيام القادمة وما أكثر الصدف ..وكل واحد يخفي في صدره قوة أو خوفاً حسب مصالحه أو خشية أن يشاركه فيها أحد ..ولو أننا نثق بالفرصة الجديدة وبالنصر القريب الآت وفتحنا قلوبنا لوجدنا في فكر كل منا شعاعاً من الحقيقة وباجتماع الأضواء سيكون كنزنا وفيراً ..لقد آن أن نتعلم الدرس.. كان الغرور وعدم تقبل الآخر أكبر مصائبنا .. وجعل رحلتنا تتأخر عن الوصول لآلاف السنوات ..واليوم لامكان لمن يشكك بالنصر..