بورصة الزيت..؟!

لم ينتظر تجار زيت الزيتون التصدير لرفع أسعار هذا المنتج المحلي، الذي أصبح عصياً على المواطن بعد تسجيله قفزات سعرية جديدة رغم منع تصديره، فبورصة غلائه لن تتوقف بتصدير أو بدون كحال معظم السلع المحلية والمستوردة في ظل نوم الرقابة التموينية العميق، واتخاذ قرارات “الجباية” الخاطئة التي رفعت كل السلع دون استثناء وأعطت حيتان الأسواق الحجة التي لا يحتاجونها أساساً لرفع الأسعار على هوى جيوبهم الفضفاضة والشرهة للأرباح الزائدة دوماً.
وبالمقابل نرى مرونة غير معهودة في المطبخ الاقتصادي عبر تعديل لقرار منع تصدير زيت الزيتون، والسماح بتصديره بشروط، منها التصدير ضمن عبوات صغيرة وليس دوغما كما جرت العادة، ما أفقده ميزته النسبية أو الأصح استفادة دول أخرى منها،  وأيضاً مراعاة تطورات السعر وحاجة السوق المحلية، الذي لا ندري كيف ستتم عملية تقييمه وضبطه وخاصة أن أغلب المواطنين لم يعودوا قادرين على شراء زيت الزيتون بسبب أجورهم الضعيفة وأسعاره المرتفعة، ورغم ذلك تبدو خطوة السماح بتصدير الزيت جيدة لكن هل ستنعكس إيجاباً على المزارعين أم كالعادة سيقطف التجار الثمار حتى لو جمل القرار بتصديره بعبوات تسويقية تحفظ حق البلاد في منتجها الزراعي المهم بعبارة “صنع في سورية”، وتمد الخزينة بموارد مالية جيدة ترمم بعض النقص الحاصل، مع المحافظة على الأسواق الخارجية، التي للأسف بدأ المنتج السوري يخسرها بسبب ضعف المنافسة جراء تكاليف الإنتاج المتزايدة، وهذه النقاط جميعها مهمة لدعم القطاع الزراعي ومنتجيه وتالياً الاقتصاد المحلي المتعب، ما يتطلب اتخاذ خطوات عديدة لإنصاف مزارعي الزيتون وحماية حقهم في منتجهم عبر حصولهم على سعر جيد، بدل الفرجة على لملمة الكميات المنتجة على قلتها مقارنة بالعام الفائت بأسعار تناسب تجار الزيت، وأيضاً حماية المستهلك وتمكينه من شراء منتج بلده بأسعار مقبولة أو أقله زيادة مدخوله الشهري بحيث يقدر على شراء احتياجاته المطلوبة وخاصة أنه لم يعد يكفيه ليومين، بعد موجة التضخم الشديدة التي هبطت بالراتب إلى أسفل السافلين.
تصدير زيت الزيتون ضمن عبوات تسويقية ومواصفات قياسية محددة تناسب الأسواق الخارجية وتحافظ على العلامة السورية، يجب أن ينسحب على جميع السلع وخاصة المواد ذات المزايا النسبية، وما أكثرها، سواء إذا صدرت بشكلها الخام كالتوابل أو صنعت زراعياً، وهذا يفرض رقابة شديدة تلزم المصدرين بالتقيد بالمواصفات القياسية عند تصدير أي منتج ومنع غشها تجنباً للإساءة من أهله قبل الآخرين، ما أثر سلباً على سمعة المنتج المحلي في أسواقه الافتراضية،  لذا يؤمل تلافي هذه الإشكاليات المربكة قبل الحديث عن تسبب التصدير برفع أسعار السلع المصدرة، كونها ستحلق على كل الأحوال بعد استفحال الغلاء الذي أصبح داء يصعب البراء منه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار