عن غايات إنتاج القباحة الدرامية وتصديرها.. مهن جديدة في ميزان الدراما السورية من النبّاش إلى الوشيش

تحقيق: ميسون شباني:

بات البحث عن المتعة البصرية والجاذب الإخراجي وتقديم جرعات كبيرة من الإسفاف المجتمعي والأخلاقي هاجس معظم الأعمال المقدمة، والتي باتت تعتمد في محتواها على (ممثلات البوتوكس)، أو على مشاهد العنف الدامية بغض النظر عن المحتوى الفني للسيناريو الدرامي، كما بات البحث عن أشياء مختلفة لتصديرها عبر الشاشة يشكّل عبئاً كبيراً على صنّاع العمل، وأصبح شرطاً في بنية أي عمل فني تقديم شيء جديد بغض النظر إن كان يسيء إلى المجتمع فكرياً وثقافياً وأخلاقياً واجتماعياً..

سامر اسماعيل: صورة متوحشة يتم تمريرها للإجهاز على مخيلة المشاهد

كما التفت بعض كتّاب الدراما إلى مهن راجت خلال الحرب على سورية، وذلك نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية ما يدفعنا إلى التساؤل عن الغاية من تصدير هذه المهن على شاشتنا؟!.. وهل هذا حقيقة واقع المجتمع السوري ككل؟! ولماذا الإضاءة على هذه المهن في ظل الظروف الراهنة؟! وأين هي دراما الأسرة والأخلاق التي عرفت بها درامانا على مرّ تاريخها..

مسلسلات التتريك
عن المهن الجديدة التي أفرزتها الحرب على سورية قدمت الدراما شكلاً فنياً وبصرياً غير مألوف على شاشتها.. عن هذه الظاهرة يقول الكاتب والصحفي سامر محمد اسماعيل: لم يعد مجدياً الحديث عن الدراما التلفزيونية السورية، التي تحولت اليوم إلى تبييض أموال في الداخل، وإلى مسلسلات المواخير البصرية.. خاصة مع امتثال معظم صناعها للتتريك.
ولم يسمح لسورية أن تبدو عبر أعمال التلفزيون إلّا عبر صورتين لا ثالث لهما.. الأولى: في حلة أعمال البيئة الشامية، ودراما الخناجر ونتف وتبويس الشوارب، ومهرجانات الخناجر، وقلب عربات الخضار والبليلة.. أما الصورة الثانية: فهي صورة التوحش والدموية وجعل الناس على المزابل ودراما المافيات وتجار اللبن والمخدرات.

القبح الدرامي
صورة متوحشة يتم تمريرها للإجهاز على ما تبقى في مخيلة المشاهد العربي من سورية الجميلة.. الجميلة والوحش التلفزيوني الذي كسر عظمها، وجعلها فاترينات لاستعراض دراما الأجنحة العسكرية للعائلات، إنه علف بصري يتم تصنيعه على منصات السوشيال ميديا.. علف بصري قوامه مواخير يديرها بلطجية ميديا وتجار حرب ومحدثو نعمة.. الهدف الأول والأخير من كل هذا تكريس الدراما لخدمة مشروع اقتصاد البسطة وتسخيف كل قيمة وجمال.

مهن بائدة ومهن جديدة
من جهته قال الناقد الصحفي لؤي سلمان: من الطبيعي أن تضاف على الأعمال مهن جديدة، فمن ناحية لابدّ من البحث عن بيئة بكر لم تتطرق لها الأعمال السابقة، وهذا شرط من شروط نجاح العمل الدرامي.. فالمكان البكر والمهنة الجديدة تجذب جمهور المشاهدين إلى متابعة العمل وكشف عوالم جدبدة لا يعلم عنها شيئاً.. مثل مهنة النبّاش التي نشاهدها عادة بشكلٍ مجتزأ، أو في مرحلة من مراحلها.. (النباش الذي يبحث ضمن الحارات).. وشاهدنا بقية المراحل من خلال الدراما.

مهن بحلة جديدة
ويضيف الناقد سلمان ليست كل المهن التي تعرض أو تشرحها الدراما تحتمل هذا التوسع مثل الغانيات أو بيوت الدعارة أو تجارة الأعضاء، إذ اكتفت الدراما بالإشارة باقتضاب أو وصم المهنة والعاملين بها أو الإشارة إليهم من دون الغوص الفعلي في تلك العوالم وتقديمها للمشاهد.

لؤي سلمان: مهن جديدة بحلة الحرب

كما أنه ليس من الغريب تقديم مهن جديدة بحلة جديدة.. فالحرب والأزمات المتعاقبة على الشعب السوري، وخاصة الأزمة الاقتصادية فرضت مهناً جديدة، ومهناً قديمة بحلة جديدة.. فالمحروقات لم تعد تباع في أماكنها المخصصة، وباتت تجارة غير مشروعة.. ومن يمتهنها اليوم قسم كبير من الطبقة التي دون الوسط من ناحية الدخل المادي إضافة إلى أشخاص عاطلين عن العمل.. أيضا تجار الخبز الذين بات بيع الخبز مصدر رزقهم، والملاحظ أن المهن الجديدة مكانها الشوارع وليس محلات البيع المتعارف عليها كما كان في السابق.

مهن مغيبة
ويستكمل الناقد سلمان حديثه بأن ما قدمته الدراما ما هو إلّا القليل من المهن الجديدة أو القديمة التي كانت وما زالت، على العكس تماماً نلاحظ في أعمال البيئة الشامية انعدام مواكبة هذا التطور في التعامل مع المهن المستحدثة وغيابها تماماً.. وفي المقابل تقدّم هذه الأعمال مهناً بدأت بالاندثار كالبوابيري والمنجد والمبيض وغيره.. ناهيك بمهن كثيرة وأعمال لم تتطرق إليها الدراما، وهي مهن موجودة إلى يومنا هذا كاللاغط والوشيش الذي يقف بالكراجات وينادي الركاب إلى السفر وغير ذلك من مهن .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار