«إسرائيل» في قبضة المقاومة وآلاف المستوطنين يفرّون هاربين
تشرين- أكرم كمال سريوي:
لن تعترف «إسرائيل» بالعدد الحقيقي للقتلى والجرحى والأسرى، وهم دون شك أكثر بكثير مما تسمعون على الشاشات وتقرؤون في التقارير والصحف، وستكشف الأيام القادمة حجم الخسائر الكارثية التي أصابت جنود الاحتلال ومستوطنيه، والهزيمة المدوية التي لحقت بهم من جراء عملية “طوفان الأقصى” البطولية.
أمّا تهديدات قادة «إسرائيل» ، فهي مضحكة ومدعاة للسخرية، وليس لها من تأثير ومفعول، حتى في قلوب وعقول جنوده، التي ملأت الدماء والدموع مآقيهم، وهم يصرخون: “لا نريد الموت” ويفرّون من الخدمة، في حين يتسابق أبطال فلسطين إلى الشهادة.
مشهد استثنائي مُرعب، لم تعهده «إسرائيل» من قبل، فبعد ٧٥ سنة من الظلم والاعتداء والقتل ومصادرة أراضي الشعب الفلسطيني، وفي الذكرى الخمسين “اليوبيل الذهبي” لحرب تشرين التحريرية، التي خاضها أبطال الجيشين العربي السوري والمصري، نفّذت المقاومة الفلسطينية عملية نوعية، جاءت رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي، وانتهاكات المستوطنين المتكررة لحُرمة المسجد الأقصى، واستباحة حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني.
من ناحية عسكرية يمكن القول إن عملية المقاومة أحدثت انقلاباً في معادلات المعركة بين الفلسطينيين والغزاة الصهاينة، وأبرز النقاط هي التالية:
١- التوقيت: كان توقيت العملية صباح يوم السبت (وهو يوم استراحة يهودي) بعد أسبوع من الاحتفالات بعيد العرش، بدأت في ٢٩ أيلول الفائت، وانتهت في السادس من تشرين الأول، تخللتها احتفالات غنائية صاخبة، واستفزازات وبصق على المسلمين والمسيحيين في القدس القديمة، وكانت قوات الأمن الإسرائيلية قد أُنهكت، وذهب أفرادها للاستراحة، ثم سقطت الصاعقة على رؤوسهم، ووقعت «إسرائيل» بجيشها وأمنها ومستوطنيها في قبضة المقاومة الفلسطينية.
٢- الهجوم على عدة محاور: بأكثر من ١٥٠٠ مقاتل من رجال النخبة بدأ الهجوم، من البر والبحر والجو، وسقطت أكثر من ألف قذيفة وصاروخ على المستوطنات الإسرائيلية، فتعطلت وفشلت كل الدفاعات الإسرائيلية، من القبة الحديدية، إلى جدار الفصل العنصري، إلى أسطورة «الجيش الذي لا يُهزم».
٣- التكتيك الجديد للمقاومة: اتبعت المقاومة تكتيكاً جديداً باللجوء إلى الهجوم بدل الدفاع والانتظار، فدخلت إلى قلب المستوطنات، واحتلت عدّة مراكز، وقاعدة عسكرية، واستخدمت الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية في عملياتها القتالية.
٤- ضرب العدو في نقاط ضعفه، حيث دخلت المقاومة إلى المستوطنات، واشتبكت مع عناصر حمايتها، وتمكّنت من أسر عدد كبير من الجنود والمستوطنين، ونقلتهم بسرعة إلى داخل قطاع غزة. وهذا النقل للمعركة إلى داخل المستوطنات بدل أن تحدث داخل غزة والقرى والمدن الفلسطينية، شكّل نقلة نوعية وضربة قاسية لخطط العدو وجبروته.
٥– خداع العدو ومباغتته: نجحت المقاومة في غزة بإيهام العدو بأنها لن تتدخل في المعارك التي تدور في الضفة، وأنها عاجزة عن ذلك، وكانت تُحضر لعمليتها بسرّيةٍ وصمت، فظنّ الإسرائيليون أن حماس باتت خارج اللعبة، وأنهم نجحوا في شق المقاومة الفلسطينية.
٦- استخدام وسائل جديدة: استخدم المقاومون عدة وسائل لاجتياز الجدار الفاصل، الذي ظن الإسرائيليون أنه بات يحميهم، فاستخدموا محركات ومظلات مكنتهم من الطيران فوق الجدار، وقطع مسافة حوالي ٢٠ كم للوصول إلى المستوطنات، كما استخدموا القوارب، وفتحوا ثغرات في الجدار، وقصفوا العدو بوابل من الصواريخ والقذائف، تعجز القبة الحديدية عن صدّها، حتى لو كانت في حالة استعداد قتالي، وهي كانت بأغلبيتها في وضع الراحة، وكان الجنود غافلين.
لقد وضعت المقاومة الفلسطينية اليوم وساماً على صدر كل شهيد وجندي عربي، ارتقى في المواجهات مع هذا العدو الغاصب، ورسمت خطوطاً جديدة للصراع، لن يتمكن الإسرائيلي من تجاوزها بعد اليوم.
اليوم يقف الإسرائيليون حائرين، فلقد شاهدوا بأم العين كيف انهارت أسطورة «جيشهم الذي لا يُقهر»، وذهبت سدىً مئات مليارات الدولارات التي أنفقوها على تسليحه وتدريبه، وكذلك مليارات دولارات الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، فبعد الهزيمة في لبنان ها هم غير آمنين في مستوطناتهم، والأرض التي اغتصبوها وقيل لهم إنها «أرض الميعاد»، التي سينعمون فيها بالرفاه والسلام والحياة الهانئة تحولت إلى جحيم تحت أقدامهم يحترقون بنارها.. فجأة انهارت آمالهم وأحلامهم، وماذا يمكن لحكومتهم وجيشهم أن يفعل؟.. يقصف بالطائرات، يقتل، يُدمر، يأسر؟ وهل هذا بجديد على الشعب الفلسطيني؟
هل يرى المستوطنون كيف تُزغرد أمهات الشهداء الفلسطينيات عند استقبال جثامين أبنائهن؟
اليوم يكتب أبطال فلسطين التاريخ، ويُلقّنون العدو درساً لن ينساه، فهذه الأرض لها أصحابها، وسيدافعون عنها حتى الرمق الأخير، ولن يهنأ المغتصبون يوماً، و«إسرائيل» هذه إلى زوال، ومهما حاولت التطبيع والاندماج، فستبقى دولة معتدية منبوذة، ولن تتقبلها الشعوب العربية، وستسقط في نهاية المطاف بأسرع مما يتوقع البعض، وسيعود الحق إلى أصحابه، مهما طال الزمن.
تحية إلى شعب فلسطين وأبطالها وشهدائها الأبرار، وثقوا بأن النصر قادم لا محالة.