لنراقب!

لن نعود كثيراً إلى الوراء، فاليوم، بعد انتخاب الرئيس التركي رجب أردوغان لولايةٍ جديدة، وهذا الأمرُ كان متوقّعاً، لابدّ من البحث فيما بعد، أي ما بعد الاختيار، ولابدّ أيضاً من مراقبة إلى أيّ مدى تتطابق الأقوال مع الأفعال، أيّ البرنامج الانتخابي لأردوغان هو للخارج أكثر منه للداخل، ولاسيما أنه لا يخفى على أحد أنها انتخابات طغى فيها البعد الخارجي والإقليمي أكثر من الداخلي.
الحديثُ يدور اليوم بكثرةٍ عن العلاقة التركيّة مع الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة من حيث تراجع النفوذ الأمريكي في تركيا، لكن يجب ألا تتم المغالاة كثيراً وتصوّر أن العلاقات متجهةٌ نحو الانقطاع النهائي لمصلحة تحالفاتٍ جديدة، أي التحالف مع روسيا وإيران، أو بسبب دعم الغرب وواشنطن للمعارضة التركيّة.
فالمتابعُ لمسيرة أردوغان السياسيّة في لعبه على جميع الحبال، أي بصورة مختصرة على المتناقضات، وعلى نحو خاصٍ خلال العقد الأخير، يدفع للاعتقاد بأن العلاقة مع واشنطن ستأخذ أبعاداً مغايرة عن السابق من دون أن تتأثر بشكل قطعي، وقد تظهر بين الحين والآخر إشارات سلبية ومساومات بين الجانبين، لكن يجب الأخذ في الحسبان أنها مرحليّة، وأن الطرفين قادران على إعادة التموضع مع بعضهما بما يناسبهما، ويمكن عدّ تهنئة الرئيس الأمريكي جو بايدن لأردوغان إشارةً مبكّرة رغم الزجّ الأمريكي في المرحلة السابقة تجاه دعم المعارضة.
الجزمُ بتغيير نهج أردوغان وانتظار الإيجابيّات تجاه الإقليم، ولاسيما تجاهنا في سورية، مرهونٌ فقط بالتنفيذ، أي كما ذكرنا سابقاً في هذا الموضوع، أن النتيجة الحقيقيّة بالنسبة لنا هي ما بعد النتيجة الانتخابيّة، واستكمال ما تمّ البدء به قبل الانتخابات، فالإشارات وحدها لا تكفي، واستخدام ملف اللاجئين ورقةً انتخابية كان واضحاً، ليس ذلك فحسب، فعلى ما يبدو أن الإشارات هنا سلبيّةٌ، وإلّا ما معنى افتتاح مشروعات تركيّة لضمان عودة اللاجئين السوريين في المناطق المحتلة من قبل تركيا! لا يمكن فهم هذا التوجّه إلّا أنه التفاف على موضوع انسحاب الاحتلال التركي من الأراضي السوريّة التي يحتلّها، كما تطالب الدولةُ السورية.
لا يمكنُ أن ننسى أو نتجاهلَ أن أردوغان وريثُ العثمانية، وتالياً لديه أطماع توسعيّة وإحياء إرث أجداده، فهذا خطرٌ جدّي يحوق بنا، وقالها السيد الرئيس بشار الأسد في قمّة جدة: «العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قممٌ.. لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً بحقّ الشعب الفلسطيني المقاوم، ولا تنتهي عند خطر الفكر العثمانيّ التوسعيّ المطعّم بنكهة إخوانية منحرفة». سليل العثمانية لا يؤتمن حتى يُثبت العكس، لذلك لنراقب وننتظر إثبات العكس.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار