العين ما بين البصر والبصيرة… تعددت الأسماء واختلفت الرؤى

تشرين:
ذاتَ العينينِ السوداوين
ذاتَ العينين الصاحيتينْ الممطرتينْ
لا أطلبُ أبداً من ربي إلا شيئينْ
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيدَ بأيامي يومين
كي أكتبَ شعراً
في هاتين اللؤلؤتينْ
لم يكن الشاعر نزار قباني وحده من أحب العيون السوداء، فالعيون شكلت منذ القدم وحياً يلهم الشعراء عذب الصور، ويدخلهم في معترك السحر والهيام، ومع تطور المجتمعات وتغير معطيات العصر، لم يتخلَّ شعراء العصر الحديث عن شعر جمال العيون وسحرها ووصفاً دقيقاً للعيون الجميلة ووقعها بكلمات وأبيات شعرية رائعة.
لكن أكثرهم دخل في عوالمٍ أعمق من الظاهر، فلم تعد العيون تُتَرجم فقط لحظاً أو رمشاً ولوناً، إنما أصبحت عالماً يدل الشاعر على ذاته ووجوده، فيصور ما لا يراه الناس ويقرأ ما هو أعمق من الظاهر. يرى العديد من المعماريين العالميين أن أهم عنصر معماري في أي مبنى هو النافذة، وهي أول شيء يترك انطباعاً في نفس زوار المبنى، حيث إن الجدار من دونها فاقد للعديد من الميزات، مليء بالصمت مغلق وفاقد للمسافة والوقت، والأبنية التي بلا نوافذ هي مجرد كتل خرسانية صمّاء.. وربما لا تعود أبنية، إذا لم تتخلّلها نوافذ وكما تمثل النافذة جزءاً من كل مبنى كذلك العيون هي لغة كل إنسان، حيث تعبر عما لا يستطيع الإنسان التعبير عنه وتترجم دواخل النفس البشرية وما تخفيه الروح عن العالم، فمن خلال العيون تستطيع أن تفهم التصرف وأن تفسر الصمت الذي خلفه ضجيج، وتستطيع أن تجمع كل طاقة القلب في نظرة واحدة، ويمكن للعين أن تروي ألماً وأن تشرح حباً وأن تحمل أسوأ المشاعر والمرارة التي يعاني منها القلب في نظرة، وتحمل أسى الأيام، وتتحدث من دون ألفاظ ينطق بها اللسان، وأن تقول في لمحة واحدة ما يظل اللسان يرويه في ساعات أو في أيام وتعبّر عن العديد من المشاعر وكل ألم مبطن بداخل أي إنسان، ونستطيع تلخيص الإنسان ومعرفة مشاعره من خلال عينيه، لذلك العين هي نافذة الروح ومرآة القلب تعكس المشاعر الداخليّة التي تستوطن المرء وتملأ أعماقه، وتشرح إحساسه في العديد من المواقف وتترجم مشاعره الخاصة التي يُكنها بداخله، فتُظهر انزعاجه وارتياحه، أو إعجابه وكرهه وحتى اضطرابه وحزنه وإحباطه وأمله وسعادته، خوفه وقلقه وغيرها من الأحاسيس المُعقّدة التي تكشفها نظرات عينيه بعفويّة من دون إدراك، فالعينان كالسحر تفصحان عن كل ما يصعب شرحه، ونظرات العيون لها جمال غير مألوف وقصص ترويها وكما قال عبدالله المقحم:
وإذا العيونُ تحدثت بلغاتـها ‏قالت مقالاً لم يقله خطيـبُ
وفي المعاجم.. هناك أسماء غريبة للعين، إذ يقال: جُحْمة الْإِنْسَان -وجحمتا الْأسد- أي عيناه وتسمّى العين: ‏البصّاصة، وهي وما تصرف من أصلها ليست عامية، إذ هي من الجذر “ب ص ص”، ومن أسماء ‏العين المُقلة وَجَمعهَا مُقَل ــ والهانة والهنانة ــ وَفِي المقلة الحَدَقَة ــ وَهِي السوَاد الَّذِي فِي وسط ‏الْبيَاض. وتجمع حدقة على حَدَق وأحداق وحَدَاق وتسمى الحدَقة: الحندقة والحنديقة ــ والحنديرة ‏والحندورة والحنديرة أَجود. وفصّ الْعين ــ حدقتها وَالْجمع أَفُصّ وفصوص. وَفِي الحدقة النَّاظر ‏وَالْإنسَان ــ وَهُوَ مَوضِع الْبَصَر مِنْهَا الَّذِي ترَاهُ كُله كَأَنَّهُ صُورَة، فالْعين كالمرآة إِذا اسْتَقْبلهَا شَيْء ‏رَأَتْ شخصه فِيهَا لشدَّة صفاء النَّاظر.‏ وذُبَاب الْعين ــ إنسانها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي