ماذا لو هاجمت «سورية وغزة واليمن» وغيرها حلف «ناتو»؟
استيقظت على حلم أو رؤيا وليس رؤية، والكلمتان وحسب قواميس اللغة العربية من فعل (رأى) لكنّ الفارق بينهما أن (الرؤيا) مختصة بالمنام أما (الرؤية) فهي مختصة بما يراه الإنسان في اليقظة، والرؤيا التي رأيتها أن دول الناتو في قمتهم الأخيرة في (أمريكا) ولمدة يومين 9 و10-7-2024 ناقشوا موضوع يسبب لهم قلقاً كبيراً وهو: ماذا سيعملون إذا تعرضوا لهجوم من سورية واليمن وغزة وفنزويلا وكوبا وإيران وغيرها، على دول “ناتو” ومقره في العاصمة البلجيكية (بروكسل) وهذه الدول وغيرها عانت وتعاني من الاستعمار الناتوي المباشر وغير المباشر سواء من سرقة مواردها وتدمير بنيتها ومشاريعها الاقتصادية وممارسة أقسى أنواع الإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار مخالفين لميثاق الأمم المتحدة ومفروضين من طرف واحد وتشجيع الحركات الانفصالية بها لربط اقتصاداتها مع الاقتصاد الغربي؟!
واستغربت لماذا لم تكن (روسيا والصين) بين هذه الدول! وتساءلت هل هذا ممكن واقعياً؟ فكان الجواب، لم لا؟ وها هو رئيس أمريكا جو بايدن وهي أكبر دولة في العالم وأمام أكبر حلف عسكري في العالم بدوله /32/ ومرور /75/ سنة على تأسيسه (اليوبيل الماسي)، حيث قدّم بايدن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي الذي يحضر القمة على أنه الرئيس فلاديمير بوتين، ونائبته كامبالا هاريس بأنها نائب الرئيس ترامب؟! فهل هذه رؤية أم رؤيا؟! وأمريكا قائدة الحلف تدعو للسلام والأمن العالميين ولكنها تقرع طبول الحرب على إيقاع (الحرب الانتخابية) بين (جو بايدن الديمقراطي ودونالد ترامب الجمهوري)، وخاصة مع سعي ترامب للعودة إلى البيت الأبيض وأيضاً سيطرة اليمين السياسي في أغلب الدول الأوروبية، وعودة الحرب الباردة وتحويل الحلف إلى أداة من أدوات الليبرالية الأمريكية المتوحشة، وتحولت القمة إلى منصة للرئيس (بايدن)، لكي يتجاوز أخطاءه في المناظرة الأخيرة مع ترامب! وأكد دعمه الكبير لحلف ناتو وضرورة توسعه وخاصة بعد أن زاد عدد دوله من /12/ دولة بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة سنة /1949/ إلى /32/ دولة عام 2024، ولاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وأكد بايدن أن الحلف أقوى مما كان عليه سابقاً ويجب مواجهة روسيا، وأشار إلى موقف ترامب السلبي من هذا الحلف وخاصة (الدفاع الجماعي ولا سيما المادة الخامسة وزيادة مساهمة الدول الأوروبية في موازنة الحلف وبما لا يقل عن 2% من قيمة الناتج الإجمالي لكل دولة واعتباره أن الصين هي العدو الأول وليست روسيا …إلخ ).
وهذا دفع بعض قادة القارة العجوز (أوروبا) للاتصال واللقاء مع ترامب وظهر واضحاً الانقسام في مواقف دول الحلف، لكن رغم ذلك صدر البيان الختامي للقمة وتضمن: تعزيز القدرة الاقتصادية والمالية للحلف بزيادة موازنته السنوية وتقوية الصناعات العسكرية، وتقديم الدعم لأوكرانيا من عسكري وإداري ولوجستي وتعليمي وتقديم مساعدات عاجلة بقيمة /40/ مليار دولار على الأقل خلال العام القادم، وأن الحلف لا يهدف إلى المواجهة مع روسيا، ولكن التحالف بين روسيا والصين يشكل مصدر قلق للحلف وخاصة الشراكة الروسية ـ الصينية بلا حدود وغيرها، وتعزيز العلاقة مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ في الأمن الدولي ومواجهة التحديات الدولية وتعزيز الدفاع السيبراني وتبادل المعلومات بشأن التحديات التي تمثلها المعلومات المضللة والمشاركة بشأن الذكاء الاصطناعي من خلال مجموعة خبراء ودعم السلام في الشرق الأوسط.. إلخ].
وهنا وبعد الرؤيا الحلم التي رأيتها وبعد مقارنة الأقوال بالأفعال نسأل هل غزة وسورية وغيرهما تشكل تهديداً لدول “ناتو” التي تمارس القتل الجسدي والاقتصادي، وهل تجاهل قرارات الأمم المتحدة وميثاقها يخدم السلام والأمن العالميين؟ وهل تحولت القارة الأوروبية العجوز لأداة لتنفيذ الرغبات والإملاءات الأمريكية ويدفع المواطن الأوروبي ثمن ذلك من تضخم وبطالة وخلل في انسياب السلع والخدمات، وهذا عبر عنه الكثير من القادة الأوربيين، ويبقى التساؤل الأكبر ما هو مصير الاتحاد الأوروبي و”ناتو” في ظل المتغيرات الدولية؟ السنوات بل الأيام القادمة كفيلة بأن تقدم الإجابة الواضحة ولا سيما إذا استطاعت “مجموعة بريكس بلاس ومنظمة شنغهاي بلاس” من وضع حد للقطبية الأحادية والمدخل الحقيقي لذلك إيجاد عملة بديلة عن الدولار وإيجاد مناطق نقدية لهما، وتفعيل التجارة البينية بين دولها وهما تشكلان أكثر من /60%/ من عدد سكان ومساحة العالم وأكثر من /45%/ من الناتج الإجمالي العالمي ومتوسط معدل النمو فيهما الأعلى وتحتويان على أكثر الموارد العالمية وفيهما دول نووية، أعتقد هذا ممكن لكن تحقيق الرؤيا التي رأيتها في حلمي تبقى من باب أحلام اليقظة.