عشرة أيام.. لننتظر ونرَ

مرة أخرى تضرب تركيا موعداً لاجتماع رباعي جديد على طريق التقارب مع سورية، وتأمل ألّا تضطر- هذه المرة أيضاً – لابتلاع تصريحاتها وانتظار الموقف السوري، لذلك نراها عمدت إلى وضع هذا الموعد ضمن إطار زمني من عشرة أيام قد يُعقد الاجتماع في أحدها، وربطت هذه المدة الزمنية بالجانب الروسي كاقتراح منه.. هذا ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي أعلن أن هناك اقتراحاً من الجانب الروسي بشأن عقد الاجتماع في الأيام العشرة الأولى من أيار المقبل، علماً أن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن كان قد تحدث عقب الاجتماع الرباعي الأخير الذي استضافته موسكو أن الاجتماع الرباعي المقبل سيكون بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقررة في 14 أيار المقبل.
بين تصريحي كالن وجاويش أوغلو أقل من يومين، ومن غير المعروف ما الذي تغير خلال هذه الفترة ودفع تركيا إلى ضرب موعد لاجتماع رباعي جديد، إذ إن تصريحات كالن أوحت بأن مسار التقارب برمته بات مؤجلاً إلى ما بعد الانتخابات.
مع ذلك، كان تصريح جاويش أوغلو متوقعاً، في ظل الاستعجال «والإلحاح» التركي على تحقيق خرق مؤثر في مستوى التقارب ينعكس على الانتخابات لتصب في مصلحة نظام أردوغان المتيقن بأن العودة إلى سورية هي إحدى أبرز الأوراق الانتخابية، ورغم أن هذه الانتخابات باتت على بُعد أسبوعين فقط إلا أن نظام أردوغان لم يفقد الأمل في أن يصل خلال هذين الأسبوعين إلى إتمام التقارب بقمة رئاسية سورية- تركية ستحسم النتائج نهائياً لمصلحة أردوغان.
كل شيء ممكن في السياسة، هذا أمر صحيح، ومدة أسبوعين وإن كانت قصيرة إلّا أنها كافية لإتمام التقارب، لكن هذا الإتمام مرتبط حصراً بتنفيذ تركيا الاستحقاقات السورية وأبرزها الانسحاب من الأراضي السورية التي تحتلها، ووقف دعم الفصائل المسلحة، والتعاون في ملفات أخرى سيادية وأمنية، وعندما يُصر أردوغان على المماطلة والمراوغة في تنفيذ هذه الاستحقاقات لن يتحقق أي شيء في غضون الأسبوعين المقبلين ولا في غيرهما.
أردوغان يعرف تماماً ما يجب فعله لإتمام مسار التقارب لكنه سيبقى يراوغ حتى اللحظة الأخيرة علّه يكسب الجولة الأخيرة في هذا المسار قبل الانتخابات، وهذا باعتقاد الجميع أمر ليس في متناول يده خصوصاً أنه هو الطرف «المحشور» المضغوط وعلى كل الجبهات، فيما تتوسع مساحات التفاؤل عربياً وإقليمياً حول سورية.
قد نكون أمام أسبوعين فارقين على مسار التقارب، لأن هذه العودة التركية إلى ضرب المواعيد ربما تكون إشارة مهمة إلى تحول من نوع ما، خصوصاً أن الاجتماع الرباعي الأخير بدا إيجابياً وفق البيانات الصادرة، ولأن النظام التركي يستعجل ويلحّ على إتمام التقارب فقد يُقدم على ما هو مطلوب سورياً.. كل الاحتمالات واردة وما علينا سوى الانتظار وترقب مسار أهم أسبوعين ما قبل الانتخابات التركية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار