أميركا في سورية.. إرهاب اقتصادي يستهدف بذور سر الأمن الغذائي.. و إيصال الأراضي إلى حالة العقم هدف واضح

تشرين– باسم المحمد:

لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية باحتلال أراض في مناطق عدة من سورية، ونهب النفط السوري بقصد حرمان الشعب السوري من ثراوته، ولم يروِ غلّ أمريكا حرمان الفلاحين من أراضيهم عبر ميليشيا «قسد» المتربطة بها، ومنعهم من توريد منتجاتهم الزراعية، بل تعدى ذلك إلى بذور القمح، التي وزعتها قوات الاحتلال الأمريكي على الفلاحين في المناطق الواقعة خارج سيطرة الجيش العربي السوري بمحافظة الحسكة، والتي كشفت وزارة الزراعة أنها بغاية الخطورة كونها تؤدي إلى تدني المردود الإنتاجي وتأتي ضمن إجراءات قانون «قيصر».

وفي تقارير عدة صدرت عن وزارة الزراعة السورية، هناك ثلاثة أسباب لرفض البذور الموزعة من الاحتلال الأمريكي، أولها أنها مصابة بالآفات الزراعية والإصابة مؤكدة من خلال تحليلها في أكثر من مخبر حكومي وخاص، وثانيها بأن البذور مخلوطة مع بذور أخرى مثل الشعير، إضافة إلى أن هذا الصنف مرفوض في سورية منذ سنوات عديدة حتى لو كان سليماً وغير مصاب.

كيف يمكن التصديق أن المحتل يقدم شيئاً مجاناً للأراضي التي يحتلها

ويسرق ثرواتها بشكل يومي وعلى رأسها القمح؟

وأشارت الوزارة إلى أن بذور القمح الموزع من الاحتلال الأميركي تحتوي على آفة النيماتودا الفتاكة وقد قامت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي منذ سنوات بمنع توزيع أي بذار قمح يحتوي على «النيماتودا» مهما كانت نسبة إصابتها قليلة ومحدودة، وذلك حفاظاً على الإنتاج الزراعي والاقتصاد الوطني، كما أن التحاليل المخبرية، التي تم إجراؤها على عينات من بذور القمح الموزع من الاحتلال الأمريكي أثبتت أنها غير صالحة للزراعة ليس في محافظة الحسكة فحسب، وإنما في جميع الأراضي الزراعية السورية وذلك بسبب إصابة البذور بثآليل القمح وشيوع ترافقها مع مرض عفن السنابل البكتيري والمعروف كمرض حجري مدمر لحقول القمح عند الإصابة به، ما يسبب تلوث التربة والتأثير بشكل كبير في إنتاج المحصول.

كما بيّن اتحاد الفلاحين في أكثر من مناسبة أن البذور التي تم توزيعها على الفلاحين في محافظة الحسكة على أنها هبة من الشعب الأمريكي كما يدعون هي سم زعاف وقاتل، متسائلاً كيف يمكن التصديق عبر التاريخ أن المحتل يقدم شيء مجاناً للأراضي التي يحتلها ويقوم بسرقة ثرواتها الباطنية بشكل يومي وعلى رأسها القمح السوري المميز عالمياً، معتبراً أن ما قامت به قوات الاحتلال الأمريكي هو شكل جديد من أشكال الحرب الكونية التي تشن على سورية منذ سنوات، هذا الشكل يتمثل بتدمير الأراضي الزراعية بهدف تمويت الحقول والأراضي وحرمان المواطن السوري من إنتاج هذه الحقول والأراضي من أجل تجويع الشعب السوري ضمن قانون «قيصر» الجائر.

وتمنى الاتحاد على كافة الفلاحين في الحسكة عدم استخدام بذار القمح الذي قامت قوات الاحتلال الأميركي بتوزيعه مؤخراً في المناطق الواقعة خارج سيطرة الجيش العربي السوري في المحافظة.

النيماتودا

و«النيماتودا» هي ديدان أسطوانية مجهرية متطفلة على جذور المزروعات وتؤدي لفقدان كامل للمحصول، وتتسبب في ظهور عقد أو أورام على مستوى جذور النباتات المصابة وتشل بذلك عملية امتصاص الماء والعناصر الغذائية الأساسية وهي قادرة على البقاء في التربة لأكثر من عامين على شكل أكياس بيض محمية جداً.

واعتبر عدد من الجهات المعنية بالزراعة أن توزيع البذور يأتي في إطار العدوان الأمريكي على الأراضي السورية ونسف أمن السوريين الغذائي، من خلال قيام الوكالة الأمريكية للتنمية «وهي أحد أذرع وزارة الخارجية هناك» بتوزيع أنواع غير معروفة من بذار القمح للفلاحين في عدد من المناطق التي يسيطر عليها الجيش الأمريكي ومسلحي ميليشيا «قسد» المرتبطة به في ريف الحسكة، ما يشكل خطراً جديداً على الواقع الزراعي والأمن الغذائي للسوريين وذلك بعد منع الفلاحين خلال السنوات الماضية من بيع إنتاجهم للمراكز الحكومية.

حيث بدأت الوكالة الأمريكية للتنمية عبر مندوبين من هيئة الزراعة والاقتصاد التابعة لميليشيا «قسد» بتوزيع 3000 طن من بذار القمح للفلاحين في بعض مناطق ريف القامشلي الذي تسيطر عليه «قسد»، وكانت البداية في ناحية تل حميس والتجمعات التابعة لها وسط تحذيرات من الأصناف الموزعة، حيث تم توزيع 185 طناً «لكل مزارع 2.5 طن من البذار».

وقد وضعت هذه الهيئة شرطاً على المزارعين المستفيدين أن يكون كل مزارع يملك بئراً للمياه بغزارة «5 إنش» حصراً، لكي يحصل على الكمية، وأن يتم توريد الإنتاج إلى مؤسسات ميليشيا «قسد» عبر تعهدات خطية من المزارعين، حيث استفاد 74 مزارعاً من الكميات الموزعة في ناحية تل حميس على أن يتم توزيع الكميات المتبقية على المناطق الأخرى.

حرب القطن والخضروات ولا نحتاج إلى كثير من التفكير لندرك أن ما يجري لإنتاج المحافظة من القمح والنفط والغاز من نهب متعمّد يجري أيضاً لإنتاج القطن بالكامل دون أن يـُـتـرَك منه ولا غرام واحد، حيث ترغم «قسد» مزارعي القطن، بالترهيب تارة والترغيب تارة أخرى، على تسليم إنتاجهم بالكامل إليها، وبالتالي لم يصل أي كيلوغرام واحد إلى المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان، ممثلة بالمحلج المنشاري في مدينة الحسكة، بهدف الضغط على الاقتصاد السوري.

هدف أميركا في سورية إنهاك الاقتصاد ومضاعفة الغلاء

لتجويع الشعب السوري وإجباره على الخضوع والركوع

وقد كشفت العديد من المصادر الأهلية في الجزيرة السورية عن وجود كميات كبيرة تقدر بآلاف الأطنان من الخضر ذات المنشأ السوري، ملقاة في شعاب الأراضي العراقية، بمجرد اجتياز الحدود السورية لأن الهدف الحقيقي ليس تصدير المنتجات الزراعية السورية وإنما إنهاك الاقتصاد السوري، ورفع أسعار المنتجات السورية في الأسواق المحلية وخاصة المنتجات الزراعية، من أجل تجويع الشعب السوري وصولاً إلى الهدف الأهم والنهائي ألا وهو تركيع الدولة السورية قيادة وشعباً وإجبارها على تنفيذ الإملاءات والشروط الأميركية التي باتت معروفة للجميع، وهي إملاءات وشروط مرفوضة رفضاً قاطعاً من الشعب السوري.

سعار على العالم

ولا ينفصل ما تقوم به أمريكا من ارهاب اقتصادي على الشعب السوري عن سياستها حول العالم، فقد سيطرت الشركات الأمريكية على ملايين الهكتارات في عدة دول من حوض النيل التي يمكن أن تكون سلة العالم الغذائية عبر الشراء أو إقامة مشروعات زراعية هدفها إنتاج الوقود الحيوي، ليس بهدف تأمين النفط الذي تعتبر أمريكا من أكبر منتجيه على مستوى العالم «13 مليون برميل يومياً» ولا بهدف الحفاظ على البيئة لأن أمريكا من أكثر الدول سبباً للتلوث لا سيما أنها انسحبت من اتفاقية المناخ بعد أن ألزمت بها العديد من الدول، بل الهدف هو تجويع الشعوب وحرمانها من الغذاء حتى تصبح طيعة بين يديها وهذا أيضاً ما تطبقه أمريكا وشركاتها متعددة الجنسيات في أوكرانيا والتي تتكشف تفاصيلها يوماً بعد يوم من خلال السيطرة على الأراضي الزراعية الخصبة فيها، لمنعها عن أفواه فقراء العالم وإجراء تجاربها البيولوجية الخبيثة.

اقرأ أيضا:

أميركا وحرب البذور العالمية.. من سورية إلى العراق وروسيا وغيرها

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار