الموبايل يبدد حضور اختراعات الزمن الجميل.. هل ستبقى صامدة أمام زحف التكنولوجيا؟؟

تشرين- دينا عبد:
قلة من الناس لا تزال حتى اليوم تستمع إلى الراديو، فالبعض يراه وسيلة حيوية تبقيهم على صلة بالمجتمع.
فتقنيات التواصل الاجتماعي مع العالم الخارجي متعددة ومتنوعة ومختلفة، من زمن لآخر، ومن مكان لآخر، فالتلفاز والمذياع وأشرطة الكاسيت هي أولى التقنيات، وصولاً إلى الموبايل الأكثر انتشاراً، والذي أصبح في متناول الجميع.
تراث
الحاج أبو معين لا يزال يحتفظ بمذياع والده يقول: عندما توفي والدي حدثت مشكلة بيني وبين إخوتي لمن سيذهب هذا المذياع ومن سيرثه؛ في ذلك الوقت كان سعره ثلاث ليرات أو ما يعادل ٥٠٠ ألف ليرة حالياً وأكثر من ذلك ربما ويشرح:
دفعت ثمنه لأخي لأنه كان من نصيبه، وصار لي منذ ذلك الوقت (منذ خمسين عاماً) ويتابع: رغم التكنولوجيا التي غزت العالم إلا أنني ما أزال أستمع إلى المذياع كل يوم صباحاً، وأرتدي ساعة يد ولدي أشرطة كاسيت و هاتف يعمل ( بقرص) وليس بأزرار، تعودت على هذه الأشياء ولن تفارقني، ولا أظن أنني سأنجح في استعمال الموبايل الذي لا أملكه حتى الآن.
الباحثة الاجتماعية أسمهان زهيرة أشارت إلى أنه رغم وجود التلفاز والمذياع والساعة والكاميرا في أغلب المنازل، ولكن هناك ندرة باستعمالها لصعوبة الوصول إليها في ظل غياب الكهرباء، وسرعة الوصول إلى الموبايل وتقنياته وتطبيقاته مع توافر الإنترنت.
تأثيرات عديدة
وفي معرض حديثها بينت زهيرة : رغم أن الموبايل اختصر تقنيات متنوعة، كالاستماع إلى الراديو والتصوير بالكاميرا وتسجيل اللقاءات، ومعرفة الوقت وربط المنبه وسماع الأغنيات، إلا أن لجهاز الموبايل تأثيرات عديدة ومتنوعة سلبية وإيجابية، مثلها مثل بقية وسائل التكنولوجيا.
فأصبح من الطبيعي هذه الأيام رؤية فئة المراهقين يقضون وقتهم معاً، ولكنهم يتجاهلون بعضهم تماماً، فلديهم هواتف محمولة يستخدمونها للاتصال، وبقية وقتهم يقضونه على مشاهدات مختلفة دون حسيب أو رقيب.
فآثاره ضارة وسلبية على الشباب والمجتمع ككل، ومنها الإجهاد والتوتر والمضايقات على الإنترنت، والأرق وخطر وقوع الحوادث، الثقة الزائفة، السمنة، مشاكل في الرؤية وفي التواصل والعلاقات الاجتماعية.
مفيدة عند الضرورة
وحسب الباحثة الاجتماعية فإن ذلك لا ينفي أنها أداة مفيدة تسهل التواصل مع الزملاء والأصدقاء والأقارب عند الضرورة؛ وبالتالي وجب على الأسرة أن تلتفت إلى الآثار السلبية لهذه الأجهزة على العلاقات الاجتماعية وعلى الأبناء داخل الأسرة وخارجها؛ حيث تسبب العزلة والغربة ضمن أفراد العائلة الواحدة، إضافة إلى أنها تسبب القلق النفسي- والإفراط في استخدامها يضيع الوقت ويهدره، ويشغل الفرد بها ما يفقده الحوار مع عائلته ويبقيه على ارتباط بها؛ لذا يتطلب أن يكون هناك طرق وأولويات للفرد في استعماله لهذه الأجهزة، بما يخدم ما يبحث عنه وليس وسيلة لهو وعبث أو انقطاع عن النسيج الأسري؛ وأضافت: من الضروري الالتفات لأهمية التواصل والحوار الأسري وإبداء الرأي في كل الأمور العائلية؛ بحيث ننظم أوقات استخدامها .
حتى لا نخسرها
وحتى لا نخسر الزمن الجميل، وكي لا يبقى مجرد (تحفة) للنظر، علينا تفعيل دور التلفاز، من خلال برامج تجذب انتباه الأفراد، بأن تكون هادفة تتناسب مع رغبات الجيل والمرحلة العمرية لهم؛ كذلك الاستماع إلى المذياع وقراءة الكتب الورقية، بعيداً عن الكتب الإلكترونية، ومحاولة تجديد هذه الاختراعات لتبقى الإرث الثقافي والحضاري وفي متناول الجميع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار