أشاوس السوشيال ميديا

في الصحافة التقليدية، كان ثمة وقتٌ متاح للإعلامي لأن يقوم هو بتشكيل الرأي العام، أو على الأقل كان يقول رأيه ويمضي مطمئناً..  إلا أنّ اليوم يبدو الأمر مختلفاُ؛ فمع الميديا الجديدة، تمّ سحب البساط من تحت قدمي الصحفي، وحتى الناقد.. بل وأصبح يُخشى عليه من الانقضاض من قبل هذه “الشعبوية” الهائجة، التي تريد محاسبة الصحفي الذي يخرج عن ذائقتها الجمعية العامة.. يصل الأمر في بعض الأحيان حد التنمر والإيذاء الذي قد يتطور لأن يصل لأذية جسدية..
هذه الحالة الشعبوية، أمسى يستغلها أصحاب النتاجات الإبداعية، الذين يوجهون هذه الذائقة حسبما يشاؤون، وقبل أن تعرض أعمالهم وتبث.. وأبرز تجليات هذه الظاهرة في أعمال موسم الدراما هذه السنة.. صحيح أن الأعمال الدرامية هذا الموسم كانت لافتة، ولا سيما لجهة التنوع، إضافة إلى المستويات أيضاً، وهي أفضل بكثير من مواسم سابقة.. لكن اللافت أيضاً، الحدّة في الاصطفافات، والآراء والانحيازات الحادة تجاه كل مسلسل.. والتي تبدأ من صُنّاع العمل، حتى جارتنا (أم عبدو).. يعني لبعض الوقت وتشتعل حرب البسوس، أو ربما داحس والغبراء..
من هنا كان من السهولة توجيه هذه الشعبوية للتصيّد، بمعنى -للأسف – الأمر يتعدى تصحيح الأخطاء، لتذهب بمنحى التصيّد الذي يستجدي الفضيحة أولاً وقبل أي شيءٍ آخر.. صحيح أن أي عمل إبداعي؛ هو هدف مشروع للنقد، لكن على أن يتم الأمر من مختصين، وأن يكون موضوعياً، غير أنه في الحالة الشعبوية، أو عند أشاوس الميديا الجديدة؛ غالباً ما يخرج الأمر عن السيطرة، الذي يبدأ كما أسلفنا من توجيه، فتصيد، ومن ثم تنمر، وكل رأي مخالف أو يريد التصحيح، ويخرج عن الذائقة العامة يكون ضحية سهام الذائقة الشعبية.. ذلك أن الأمر لا يقف عند التصحيح وهنا المشكلة.. والأمر اللافت هو تضخيم الأخطاء وكأنّ الأمر مهولاً، علماً أنها أخطاء قد تحصل في أي عمل درامي..
كما أن البعض، يُطالب بأن يكون المسلسل أشبه بالتوثيقي، ومن هنا نرى الهجوم على بعض الأمور التي قد يراها صُنّاع العمل ضرورية، وإن بدت نافرة عن بيئة المسلسل.. كما في لازمة “نيتشة” مثلاً على لسان عاصي الزند – تيم حسن في مسلسل (ذئب العاصي)، رغم أن لها مبررها الدرامي بكل تأكيد..
هامش:
…………
في
الدفاتر البعيدة
البعيدة؛
كنا
خطونا لأجل ال “الألف ميل”؛
لم تذهب الخطوات بنا بعيداً،
كانت مراوحة
في المكان،
وحسب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار