دمشق- موسكو.. التحالف الإستراتيجي المتين من سورية إلى أوكرانيا

تشرين- هبا علي أحمد:
تأسيس وتمهيد مرحلة جديدة من العلاقات بين دمشق وموسكو، خطتها زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، زيارة تُؤسس وتُمهد لوضع تصورات مشتركة للمرحلة الراهنة وما بعدها، فاتحة الأبواب لتعزيز العلاقات وفي مختلف المجالات.. وربما تشابك وتلاحم الأحرف بين اسمي البلدين، سورية وروسيا ليس مصادفة بل هو حتمية تاريخية إستراتيجية سياسية اقتصادية، جمعتهما منذ أربعينيات القرن الماضي حتى اللحظة، ولاسيما السياسية، وما بعدها.. علاقات ثابتة متجدّدة متحركة مع المتحولات العالميّة لكنها محافظة على روحها وعلى طابعها.
زيارة مهمة في توقيتها الدولي عامة والإقليمي خاصة ولاسيما في سياق عدد من الملفات، ربما أبرزها وأهمها مسار التقارب السوري- التركي برعاية روسية – إيرانية.. مسار يُعمل عليه منذ وقت بما يؤدي كما هو مرغوب به من جميع الأطراف إلى عودة العلاقات السورية – التركية بشرط تحقيق انسحاب الاحتلال التركي من الأراضي السورية وإيجاد حلٍّ لعدة ملفات ذات صلة.
حلّ ذاك الملف إلى جانب ملفات أخرى تتعلق بالحرب على سورية، وتفعيل الحوار بين دول المنطقة، يمكن أن يشكّل نقلة نوعية في ظل التحوّلات العالميّة الكبرى، ويفتح الباب واسعاً أمام التكتلات الإقليمية والدولية السياسية والاقتصادية.. تحوّلات تغيّر من مراكز السيطرة والنفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم وتؤثر عليها، تنسجها بدقة وعناية موسكو وبكين بما يصب في مصلحة جميع شعوب العالم ويخدم قضاياها، ويعود بمنافع اقتصادية تضمنها حال الأمن والاستقرار كشرطين أساسيين متلازمين لتحقيق أي فائدة.

زيارة صداقة وتعاون وتشارك في وحدة المصير والمواجهة ضد عدو واحد وإن اختلفت التسمية: الإرهاب في سورية والنازية القديمة الجديدة في أوكرانيا

تأتي زيارة السيد الرئيس إلى روسيا في سياقها الطبيعي، زيارة صداقة، وزيارة تعاون، وزيارة تشارك في وحدة المصير والمواجهة، والعقوبات الغربية اللاشرعية والقسرية بحق شعبي البلدين، فما يواجه البلدين يتشابه باختلاف تسمياته، فهو عدو، في سورية الإرهاب بشتى وجوهه، وفي روسيا النازية القديمة الجديدة، وفي الحالتين المحرك واشنطن والهدف الهيمنة والنفوذ وديمومة القطبية الأحادية.. وهنا يأتي الموقف السوري المتجدّد في دعم روسيا، إذ قال الرئيس الأسد: هذه زيارتي الأولى بعد الحرب في أوكرانيا وأجدد دعم سورية لروسيا في حربها ضد النازية التي يدعمها الغرب، فهناك ضرورة لإعادة التوازن إلى العالم اليوم وإلّا فسيتجه إلى الانفجار والدمار.
منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وقفت سورية إلى جانب روسيا في الدفاع عن أمنها القومي، ورأى فيها الرئيس الأسد أنها عملية لتصحيح التاريخ وإعادة التوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وأنّ روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية، في حين رأت الخارجية السورية أن لروسيا الحق الكامل في الدفاع عن نفسها وإبعاد الخطر المحدق عن شعبها في وجه محاولات الغرب والولايات المتحدة تهديد أمنها القومي واستهداف استقرارها.
وإن كانت الزيارة في سياقها الطبيعي، لكنها في الوقت عينه لافتة ونوعية مع وجود وفد وزاري كبير.. يعني زيارة شاملة سياسية عسكرية اقتصادية وكلها تصب في سياق التعاون المشترك والبحث في اتفاقيات تتطلبها المرحلة اللاحقة ولاسيما سوريّاً في سياق إعادة الإعمار وبناء ما دمّرته الحرب، إلى جانب طيف واسع من اتفاقيات في شتى المجالات.
الرئيس الأسد في زيارة رسمية إلى روسيا مشهد يُبنى عليه ويُؤسس لمرحلة جديدة ليس في سياق العلاقات الثنائيّة فحسب، بل في سياق العلاقات الإقليمية الدوليّة، ويُؤسس لمنعطف كبير ونهائي في سياق الحرب الإرهابية على سورية.

أقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. تفاؤل بحلّ المشكلات المعوقة للتبادل التجاري بين سورية وروسيا.. رئيس مجلس الأعمال المشترك يتحدث عن أولويات الصناعة والتجارة الروسية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار