المفارقة السياسية الواضحة تقول: (كلما طبّعت الدول العربية مع إسرائيل، ازدادت الصهيونية عنصرية وفاشية واجراماً)، كما أن الجنون الصهيوني يعمي (إسرائيل)، فلا تفهم معنى أن يتصدى للرد عليها شاب لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره. فيقتل ويقضي على ثمانية من المستوطنين في حي استيطاني في القدس( النبي يعقوب) ويتبعه ابن 13 عاماً ليصيب اثنين في حي سلوان على أعتاب ما يسمى بـ(مدينة النبي داود)، فهل تنتبه عنصرية (إسرائيل) إلى أنها أوصلت الشعب الفلسطيني لينتفض فتيانه وشبابه، من دون الحاجة لانتماء سياسي لأي كيان أو فصيل أو جبهة، وهكذا فإن (إسرائيل) باتت في مرمى (الضمير الشعبي) كلما تمكن شاب أو فتى من ممارسة مقاومته أصابها في قلبها الاستيطاني المجرم، وهدد مستقبلها.
منذ بداية هذا الشهر الأول من عمر حكومة نتنياهو الأشد تطرفاً باشرت ممارسة الحكم، وتجلى بصلافة ووقاحة الكاهاني (بن غفير) الذي رفع صوت العنصرية معلناً تصميمه على قتل الفلسطينيين وطردهم واحتلال أحيائهم. ويبدو أن (إسرائيل) بعد أن ضعفت الدول العربية تعلن عنصريتها السافرة مسلحة بإجرام من الفاشية والفصل العنصري. ولكنّ شاباً وفتىً مقدسيين خلال يومين متتاليين الأسبوع الماضي هزّا عنجهية (إسرائيل) برمتها وسخرا من ادعاءات (بن غفير) و”شرشحا” شعبويته ومنفخته هازئيَن من قوة الصهيونية المدعاة . وكثير من المراقبين يرون أن (إسرائيل) التي بدأت ببث سموم العنصرية الفاشية والإبادة الجماعية- وللمفارقة أنها بما تقوم به من عمل عنصري- بدأت تبلع شيئاً من سمومها. ويبدو أن شروع حكومة نتنياهو بقتل 30 فلسطينياً في شهرها الأول في محاولة للقضاء على الشعب الفلسطيني تواجه احتراق ألبستها الداخلية في أحياء الاستيطان حيث تبث سموم (بن غفير) الذي بدأ يسقي مستوطنيه من سموم جنونه وإرهابه..
كل هذا لا يعني التقليل من خطر حكومة نتنياهو الأكثر إجراماً في تاريخ (إسرائيل) والتي تمثل خلاصة المشروع الصهيوني بوقاحة لا مثيل لها، وخاصة أنها تحمل مشاريع ليس لتفجير فلسطين المحتلة فقط، بل لتفجير المنطقة كلها بحجة مواجهتها إيران. وكما بدأ الشعب الفلسطيني بشبابه وفتيانه الرد على هذه السياسة المجرمة الصهيونية الاستيطانية، لابدّ للدول العربية من أن تنتبه إلى أن السكوت أو التردد تجاه خطر (إسرائيل) الحالي لن يحمي كراسي حكامها، بل سيحرق كل شي تحت هذه الكراسي. ولا علاج لهذا الخطر الصهيوني المتمادي إلّا بتنسيق ولو بالحد الأدنى بين الدول العربية لمواجهة عنصرية وإجرام (إسرائيل) ومن يؤيدها ويدعمها من صهاينة أمريكا أو أوروبا أو العرب…
عمليتا القدس في الأسبوع الماضي علامة واضحة على أن (إسرائيل) بدأت تبلع بعض سموم عنصريتها.. وبدأت تتسمم بسياسات حكومتها.. ألم يقل رئيس الشاباك السابق عقب عمليتي القدس: إن (إسرائيل) مهددة بالانهيار بسبب سياسات هذه الحكومة المتطرفة.