نزال الديون السيادية في الولايات المتحدة إلى الواجهة مجدداً
وسط تحذيرات شديدة اللهجة أطلقتها وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين من التداعيات والعواقب الخطرة، التي قد تنتج عن التأخر في اتخاذ إجراءات مناسبة، يعود النزال حول الديون السيادية المتراكمة على الولايات المتحدة مجدداً إلى ساحة الكونغرس.
الولايات المتحدة تجاوزت الحد الأقصى لسقف الاقتراض المحدد عند 31.4 تريليون دولار يوم الخميس الماضي، ما يعكس حجم الأموال التي أنفقتها الحكومة الأمريكية بالفعل، ويجهز الساحة مجدداً لمواجهة في الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين يمكن أن تنتهي على حدّ تعبير شبكة «سي إن بي سي» الإخبارية الأمريكية بمشكلات مالية، تؤثر ليس في الاقتصاد الأمريكي فقط، بل تطول كل عائلة في البلاد.
يلين حذرت أمس الأول وفقاً لما تداولته وسائل الإعلام من أن عجز الولايات المتحدة المحتمل عن سداد ديونها قد يتسبب في أزمة مالية عالمية، ويقوّض دور الدولار كعملة للاحتياطيات، كما أنها أبلغت زعماء الكونغرس أن وزارتها بدأت باستخدام إجراءات استثنائية لإدارة السيولة يمكن أن تجنب البلاد خطر التخلف عن السداد حتى الخامس من حزيران المقبل.
وفيما أكدت يلين أن هذا الوضع قد يؤدي إلى فقدان الكثير من الأفراد وظائفهم وارتفاع تكاليف الاقتراض، يرفض البيت الأبيض التفاوض مع الجمهوريين المتشددين بشأن رفع سقف الدين، لأنه يرى أن الكثيرين منهم سيتراجعون عن مطالبهم في نهاية الأمر.
محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع سقف الديون الأمريكية اصطدمت برفض الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، التي تحاول بدورها الدفع إلى مفاوضات مع البيت الأبيض لخفض الإنفاق الحكومي مقابل رفع سقف الدين السيادي.
ويمثل الدين السيادي مبلغ المال الذي يسمح للخزانة الأمريكية باستدانته لدفع فواتير الالتزامات الخاصة بالحكومة الأمريكية، بما في ذلك الضمان الاجتماعي وعوائد الرعاية الطبية ورواتب العسكريين، إضافة إلى أموال الفائدة وإعادة أموال الضرائب.
وبما أن الولايات المتحدة تجاوزت حالياً سقف الدين السيادي الحالي البالغ 31.4 تريليون دولار، فإنها أصبحت غير قادرة على زيادة هذا الدين ودفع الفواتير المتراكمة عليها.
مارك هامريك، المحلل الاقتصادي في بانكريت، أوضح أن الحكومة الأمريكية تعتمد على الاستدانة لتمويل التزاماتها، وعلى غرار الكثير من العائلات الأمريكية فهي لا تملك دخلاً كافياً لتمويل نفقاتها.
خبراء اقتصاديون أوضحوا أن المواجهة المتوقعة والتحذيرات المتزايدة من وصول الولايات المتحدة إلى سقف الدين السيادي، ترجع كلها إلى الخوف من التخلف عن سداد الديون، وهذا التخلف يحدث عندما تعجز الحكومة عن دفع التزاماتها المالية، ما يؤدي حسب المحلل الاقتصادي مارك زاندي إلى “تداعيات خطرة تحدث حالة من الفوضى في الأسواق المالية، وتقوض الاقتصاد الأمريكي بشكل كامل، وتؤدي إلى صدمات في الاقتصادات العالمية.
دين أمريكا حتى السبت الماضي بلغ 31.38 تريليون دولار، أي إنه بدأ سريعاً بتجاوز الحد الأقصى للدين المسموح به، وهذا في حد ذاته يمثل كارثة محققة بالنسبة للولايات المتحدة، إذ إنه يقارب 130 بالمئة من ناتجها الإجمالي وسيتوزع عبء سداده على كل الأمريكيين كبيرهم وصغيرهم.
خلافات الكونغرس المستمرة بين جمهوريين وديمقراطيين حول معظم القضايا الداخلية والدولية تتفاقم بشكل مطرد، لكن قضية حل مشكلة الديون السيادية ورفع سقف الدين العام ستمثل مرة أخرى منعطفاً قاسياً في مسار التشظي السياسي، الذي تشهده الولايات المتحدة على نحو غير مسبوق هذه الأيام، وهذا سينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الأمريكي الذي مازال يعاني من جائحة كورونا والإنفاق الهائل على التورط الأمريكي في أوكرانيا، كما أنه سيحمل قدراً وافياً من التبعات على أسواق المال والأسواق العالمية.