ما يحدث في أسواقنا المحلية من ارتفاعات متتالية للأسعار، تشبه المسلسلات المكسيكية، لا بل “سبقتها بأشواط..!” أتحفونا بها رغماً عن أنوفنا، وفي كل يوم حلقة واحدة، أما مسلسل ارتفاع الأسعار، فهو على مدار الساعة وبأفكار متنوعة، وعلى هوى التاجر تحاك مهما علا شأنه أو صغر، “بائع مفرق– نصف جملة– جملة– على قارعة الطريق, وغيرهم ممن تسلق مهنة التجارة..” لأن الأزمة فتحت الأبواب على مصراعيها لابتداع طرق وأساليب تنال من لقمة عيش المواطن!
والأخطر من ذلك ظهور صنف جديد من التجار، يحسبه الجميع صاحب نخوة يتسلق كل جديد، ويسخّره لمصالح ضيقة يحسبه المستفيدون “راعي الأول” ظهر في ساحة الأسواق مقدماً التفسيرات وحكايات القرارات, وما يراد منها، وخاصة المتعلقة بمعيشة الناس، ويقدم التفسير ما قبل وبعد صدور أي قرار، ويبرر الغاية والوسيلة, وانعكاسها على أرض الواقع, والأخطر ما يقال ما بين السطور التي تحمل تفسيرات ارتفاع الأسعار وانعكاسها على المواطن, والتي ترافقها حالة اشتعال لا تقف عند حدود، تصاحبها تفسيرات مستفزة, وغالباً ما تكون هذه التفسيرات كلمة “حق يراد بها باطل” كما حصل مؤخراً في تعميم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والقاضي “الطلب من مديريات التجارة الداخلية في المحافظات ضرورة اعتماد فاتورة المنتجين والمستوردين وتجار الجملة أساساً في تحديد أسعار مبيع المستهلك وفق هامش الربح الذي حدده قانون الحماية” وهذا الأمر معمول به في طبيعة الحال، لأن كل المواد المنتجة محلياً, والمستوردة يقدم صاحبها بيان التكلفة لمديرية الأسعار في وزارة التجارة وتتم دراستها وتحديد هوامش الربح بدءاً من المنتج أو المستورد وصولاً إلى المستهلك, وبالتالي القرار الجديد لا يحمل صفة التحرير .
لكن ظهور “راعي الأوّلِ” من أهل التجار وتنطحه في تفسير المفسر ونشره بصورة استفزازية لكلّ حلقات الوساطة التجارية وصولاً للمواطن، والأخطر من مشى معه من جماعة التواصل الاجتماعي، أو ما يسمون أنفسهم شبكات إعلامية، وطابورهم الذي لا أعرف رقمه، لأنه في كل يوم هناك طابور جديد، هي الأصعب في تاريخ بلدنا، ناهيك بضعف الإمكانات الأساسية (نفط- كهرباء- قمح- غاز- والقائمة تطول).
وما حدث هو طلب التداول عبر الفواتير وليس تحريراً للأسعار, وإنما ضبطها، بدليل بقاء لجان التسعير المركزية والفرعية في المديريات تدرس التكاليف وتحدد التسعيرة وهوامش الربح, ما يعني أن التعميم جاء ليؤكد المؤكد وليس تحرير الأسعار، لكن الطابور المخفي بقيادة “راعي الأوّلِ” من أهل الخبرة والدراية في دهاليز التجارة قاد الفكرة وأجهز عليها وأفرغها من المضمون، والأخطر شجع التجار على اختلاف شرائحهم على ابتزاز المواطن على مدار الساعة بحجة التحرير.
وهنا مربط الفرس؛ فعلى الجهات الحكومية مسألة معالجة هذا الراعي المزيف.
Issa.samy68@gmail.com