اللوح (إتش6) وعظمة موسيقا أوغاريت
تشرين- هدى قدور:
تختزل الموسيقا شخصيات الشعوب وتلخص تجربتها الحضارية، وليست التلوينات الكثيرة في الموسيقا السورية منذ آلاف السنين حتى اليوم، إلّا دليلٌ على الغنى الثقافي بعيداً عن الأحادية والنمطية المكررة. في الخمسينيات من القرن الماضي قدمت أوغاريت اكتشافاً عظيماً يعود إلى 3400 سنة، وكان مكتبة موسيقية صغيرة تتضمن ألواحاً من الصلصال تتضمن تدوينات موسيقية، لم ينجُ منها سوى لوح واحد، مكتوب باللغة البابلية عكف العلماء على تفكيكه وترجمته حيث يقول العالم ريتشارد دامبريل إنه أعظم تراث موسيقي يصلنا.
قوس قزح الموسيقا السورية في العصور المختلفة، تعرض للغبن كثيراً خاصة في الجزء الذي تعرض للتدمير أثناء الحرب، إضافة إلى القسم الشفهي الذي لم يخضع للتدوين الشامل، وقد بذل الموسيقار نوري إسكندر الكثير من الجهود في هذا الاتجاه. ومثلما يخطئ البعض في اعتبار المعالم الأثرية السورية مرتبطة بالعصر السياسي الحاكم حينها، فيقولون المسرح الروماني، فعلى صعيد الموسيقا يخطئون عندما يربطون تطور الآلات والتدوين الموسيقي بعصر الإمبراطورية الحاكمة مع إن الموضوع ثقافي ويفترض ربطه بالشعب السوري الذي جمع مختلف الأطياف وصهرها لتصبح مجتمعاً واحداً مع الزمن.
سمّى العلماء اللوح الناجي من مكتبة أوغاريت “إتش6″، ويشير هذا الاكتشاف إلى وجود مكتبات غنية في الكثير من الأماكن الأثرية التي لم يطلها التنقيب بعد أو إنه توقف بسبب الحرب أو تعرض لنهب المجموعات المسلحة التي عاثت في تخريب الآثار والاتجار بها.
وجه سورية الحقيقي يظهر في موسيقاها مثلما يحضر في بقية أنواع الفنون، لكن الموسيقا، تختصر تجارب طويلة من الثقافة والانفعالات والتجارب مع الحياة والتفاعل مع المجتمعات المجاورة.
إنها الموسيقا السورية العظيمة التي وصلتنا من أوغاريت، هناك كان المايسترو يشير بعصاه إلى عظمة الأوركسترا السورية المنتظر العثور عليها في مختلف الأماكن التي تنتظر التنقيب.