حضورٌ دوليٌّ للسينما السورية وجوائز مهمّة في المحافل الدولية رغم قلة الإنتاج
تشرين- ميسون شباني:
صورة بصرية نقلتها كاميرا السينما عبر تفاصيل حية ووثقت مراحل زمنية في كل حقبة التقطتها عدستها، لذلك عدّ البعض أن السينما هي حضور يتأثر بالمجتمع و يعكس صورته و يعيد صياغته ثم يعود ليؤثر فيه بشكل ما.. والسينما السورية ليست بعيدة عن مجتمعها ، لذا كانت الناقل الحيّ لمجرياته، ورغم قلة هذا المنجز الإبداعي، فإنه استطاع وبشكلٍ ما أن يحقق حضوراً عربياً ودولياً عبرفعالياته المتعددة وجوائزه المختلفة.
جوائز دوليّة
فقد تميز هذا الحضور بالعديد من العروض والتظاهرات السينمائية التي برز من خلالها الوجه المعاصر والمتطور للسينما السورية، وكلّل ذلك حصول بعض الأفلام السورية على العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية محلية وعربية وعالمية، فعلى صعيد الأفلام الروائية الطويلة نال فيلم «الطريق» للمخرج السينمائي عبد اللطيف عبد الحميد عدة جوائز في مهرجان أيام قرطاج السينمائية 2022، الجائزة الأولى هي جائزة الجمهور والثانية جائزة أفضل ممثل نالها موفق الأحمد عن دوره في الفيلم والجائزة الثالثة هي جائزة السيناريو للكاتب عادل محمود ومشاركة المخرج نفسه، كما حقق فيلم «غيوم داكنة» للمخرج أيمن زيدان والمنتج عام 2019 جائزة الإبداع في المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون عام 2022 ،إضافة إلى جائزة السيناريو في مهرجان الرباط لسينما المؤلف في دورته الـ 27 لعام 2022 ، كما نالت الفنانة جيانا عنيد جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط الدورة 38 لعام 2022 – مسابقة الفيلم العربي – عن دورها في فيلم «حكاية في دمشق» الذي أنتج سنة 2020 للمخرج أحمد إبراهيم أحمد ، ونال فيلم «الظهر إلى الجدار» للمخرج أوس محمد جائزة الإبداع في المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون 2022 ، كما حصد الفيلم الروائي الطويل «الاعتراف» للمخرج باسل الخطيب والذي أنتج عام 2017 جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان سومر السينمائي الدولي بدورته الأولى، والذي أقيم مؤخراً في العراق.
بصمة الأفلام القصيرة
ولم يقتصر الحضور السينمائي السوري في المحافل الدولية والعربية على الأفلام السينمائية الطويلة، فقد حققت الأفلام السينمائية القصيرة بصمة خاصة رغم ضعف الإنتاج السينمائي أيضاً، فقد نال فيلم «فوتوغراف» للمخرج المهند كلثوم جائزة أفضل إخراج في ختام مهرجان النور السينمائي الدولي بدورته الرابعة في ولاية الدار البيضاء بالمغرب 2022 ، إضافة إلى الجائزة الكبرى في ختام مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير في المغرب الذي أقيم تحت شعار السينما والدبلوماسية الثقافية 2022 ، وحقق الفيلم القصير «مقهى المفاتيح » للمخرج علي العقباني الجائزة الثانية في مهرجان الداخلية السينمائي في عمان 2022.. أما فيلم «مدينة الملاهي» للمخرج نور خير الأنام فقد حصل على الجائزة الذهبية في الدورة 38 لمهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط في مسابقة الأفلام القصيرة 2022، في حين حصد فيلم «عنها» للمخرجة رباب مرهج جائزة مفتاح العودة لأفضل فيلم عن المرأة باسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في مهرجان العودة السينمائي الدولي في دورته السادسة لعام ٢٠٢٢، إضافة إلى تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير بأيت ملول بدورته الـ١٤ في المغرب ٢٠٢٢ كما حصل على الجائزة الأولى في مهرجان الرافدين في الدورة الثانية 2022.
تحضيرات سينمائيّة قادمة
وقد تزامن الحصول على تلك الجوائز مع إعلان المؤسسة العامة للسينما عن إنتاجات عام 2022 للأفلام الطويلة من خلال فيلمين طويلين أولهما فيلم «حي المنازل» للمخرج غسان شميط، سيناريو وحوار سامر محمد اسماعيل، ويحكي الفيلم سيرة أسرة تعيش في دمشق في وسط شعبي والأحداث التي تحيط بها خلال أيام الحرب، ويذهب فيلم «العائلة » من تأليف تليد الخطيب وإخراج باسل الخطيب بتفاصيله نحو الطفولة ومعاناة الأطفال في ظل الحرب وانعكاسها على حياتهم.
أفلام شبابيّة
كما اتجهت المؤسسة العامة للسينما لإنتاج عدة أفلام قصيرة احترافية بعدة أمزجة فنية تخاطب عبر موضوعاتها معظم الشرائح في المجتمع منها فيلم «الخروج إلى الداخل» للمخرجة الشابة لوتس مسعود، والذي قدمت خلاله مقاربات غنية بتفاصيله عن الواقع، واتجه محمد سمير الطحان في فيلمه «أماني» لمحاكاة واقع الطفولة في المجتمع ، بينما ركزت الفنانة روبين عيسى عبر فيلمها «فيلم طويل جداً» الذي أخرجته وتصدت لبطولته على دواخل النفس البشرية وانكسارتها نتيجة ظروف معينة، وكذلك فيلم «تركواز» للمخرج الشاب علي نبيل إبراهيم الذي عنون فيلمه بفكرة زرع الأمل واحتضان الحلم، في حين ركز المخرج فراس محمد عبر فيلمه «خردة» على الناس المهمشين في المجتمع، أما المخرجة الشابة تاتيانا أبو عسلي فآثرت تقديم مجموعة من التساؤلات عن ظاهرة تسول الأطفال في الشارع عبر فيلمها «دعاء». وتستمر المؤسسة العامة للسينما بمشروع دعم سينما الشباب.. فقد منحت الفرصة للعديد من المواهب الشابة للحصول على فرص إنتاجية لأفكارهم السينمائية عبر أكثر من خمسة عشر فيلماً مع تسهيلات كبيرة قدمتها بالتشبيك مع مختلف الوزارات والمجتمعات الأهلية.
أفلام متوسطة الطول
وأنتجت المؤسسة العامة للسينما ثلاثة أفلام روائية متوسطة الطول، حمل الأول اسم «الأم السورية شمس لا تغيب» ويحكي الفيلم عن أمهات الشهداء ومدى المعاناة التي يتعرضن لها من جراء فقد أبنائهن، وهو مأخوذ عن رواية (يوم ليس كباقي الأيام) للكاتبة كفى ثابت كنعان أعدّ لها السيناريو وأخرج الفيلم عوض القدر، وأما الفيلم الثاني فقد حمل اسم «إنعاش» وهو من تأليف وإخراج عمرو علي ويقدم حكاية يجري معظم أحداثها في مشفى حقيقة المشاعر الإنسانية وكيف يحمل البعض عواطف الشر والجشع، كما يذهب إلى مساحات وجدانية تخص شريحة المثقفين والفنانين، ويروي حكاية مخرج مسرحي تتصارع أناه الفنية مع عوالم زوجته الممثلة المسرحية، ويرصد ما يكون بينهما من تنافس ومخاطر مهنية وحياتية.