لا نريد الدخول في حسابات الأسواق التي خرجت عن كل مألوف، وفرضت حالات استفزاز للمستهلك، نتيجة الارتفاعات السعرية المتلاحقة، استغل أصحابها الظروف التي تمرّ بها البلد, وصعوبة تأمين المواد نتيجة الحصار والعقوبات الاقتصادية, والمعيشة الصعبة، لتكون المعضلة الكبرى لدى الحكومة والمواطنين على السواء, وهذه فرضت عملية بحث مستمرة عن الحلول تعيد الاستقرار للأسواق وتأمين مستلزماتها، بصورة تسمح بالحفاظ على استمرارية تدفق المواد والسلع الأساسية للمواطنين، والحصول عليها بأيسر الطرق، لكن هذا الأمر لم يتغير وأغلب المشكلات مازالت دون حل, وحديث الماضي والحاضر والمستقبل لم يتغير، لأنه “هم” الجميع وشاغلهم, وجميع الجهود تصب باتجاهه، والذي يكمن في كيفية ضبط الأسواق ، وتأمين مستلزماتها, وتحقيق حالة الاستقرار لها, والهدف من كل ذلك هو “المواطن” القاسم المشترك في كل ما يتخذ من قرارات, وتنفيذ ما يلزم على أرض الواقع , وخاصة ما يتعلق باستقرار السوق المحلية من ناحية الوفرة والتسعير, ولم تستطع كل الجهود الحكومية السابقة – وحتى الحالية- من السيطرة على الأسعار, ليس لعدم صوابية القرارات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة طوال سنوات الأزمة وحتى أيامنا هذه، وإنما لأسباب كثيرة أهمها: ضعف التطبيق وصعوبة تنفيذها في ظل وجود طبقة من المتنفعين سواء في المراكز الادارية, أو على مستوى حلقات الوساطة التجارية, ومن يرعاها في كل الاتجاهات من تجار على اختلاف مستوياتهم همّهم الأول تكديس الثروة ولو على حساب الوطن والمواطن ..!
بدليل ما يحدث في الأسواق من فلتان بالأسعار, وابتزاز ينفذه تجار يعتبرون أنفسهم أسطورة في الذكاء, وخارج سيطرة الأعراف والقوانين, دون أن ننسى بعض المتعاونين من أهل الرقابة معهم, بحجج مختلفة هي موجودة لدى أصحاب الدخل المحدود، أولها: ضعف موارد الدخل..!
وهذه مسألة خطيرة جداً معالجتها دخلت نفقاً مظلماً، لأن معظم القرارات والإجراءات التي صدرت بقصد ضبط الأسواق والحفاظ عليها, وتأمين حمايتها وترجمتها على أرض الواقع، لم تكن بالمستوى المطلوب، وخاصة فيما يتعلق بضبط التكلفة وآلية تسعير المواد والسلع, وحتى احتساب هوامش الربح, وضبط المتاجرة بين حلقات الوساطة التجارية, وهنا تضيع الجهود وتهدر بين المستفيدين منهم وضعاف النفوس من التجار, وبعض المتعاونين معهم من أهل الرقابة..!
وبالتالي الحل لإنهاء حالة الفلتان السعرية في الأسواق موجود, ولايحتاج لكثير من العناء, لأن الحكومة والوزارات المعنية أشبعته دراسة, وتمحصت كثيراً في أسبابه، ودققت أكثر في آلية تطبيقه، وهذا يكمن في تطبيق نظام ” الفوترة” بين حلقات الوساطة التجارية، الأمر الذي ينهي معظم مخالفات الأسواق, ويحد من “حراميتها”, والسؤال لماذا التلكؤ في تطبيقها.؟!
Issa.samy68@gmail.com