الصين في إفريقيا حضور قوي ونفوذ متزايد
في تقليد سنوي درجت عليه الدبلوماسية الصينية ،يستهل وزير الخارجية الصيني تشين جانغ جولة أفريقية له في إثيوبيا ، وتقوده لاحقا إلى العديد من الدول الإفريقية.
تقليد هذه الجولة معتاد منذ عام 1991 و يظهر أهمية كبيرة توليها بكين لهذه القارة بهدف تنمية العلاقات الصينية – الإفريقية.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري رئيسي لقارة إفريقيا، ومستثمرا بارزا في مشروعات البنية التحتية والتعدين، حيث أظهرت الأرقام أن التجارة بين الصين وإفريقيا وصلت إلى 254.3 مليار دولار في 2021، بزيادة 35.3 بالمئة على أساس سنوي. واعتبر محللون أن زيارة الوزير، الصيني ، التي تشمل إثيوبيا والغابون وأنغولا وبنين ومصر إضافة إلى مقري الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، رحلة استكشافية “ضمن مساعي الصين لتوسيع نفوذها خارجيا، في ضوء الحرب الباردة الجديدة مع الغرب”.
ويساور الولايات المتحدة قلق كبير من التوسع المتزايد للنشاط التجاري الصيني في إفريقيا، وتعتبر الإدارة الأميركية أن حضور بكين في القارة سيفضي إلى توسيع النفوذ الاقتصادي لها.
يذكر أن الدول الكبرى تتهافت على القارة الإفريقية من أجل البحث عن موطئ قدم بها، وسط نفوذ صيني يتسع ومحاولات أميركية وروسية لسحب البساط.
وتعمل الصين على توسيع نفوذها في أنحاء العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ومثل هذه الزيارة، وهي الأولى لوزير الخارجية، تهدف إلى التأكيد على الصداقة بين هذه الدول والصين.
وتؤكد الرحلة على العلاقات الودية والطريقة التي تنظر بها بكين للعلاقات مع شعوب الدول المعنية.
وتتطلع الصين أيضا إلى تأكيد مكانتها كقوة عظمى في إفريقيا في ضوء الحرب الباردة الجديدة مع الغرب، لا سيما لتأكيد الوصول أو الاحتكار غير المقيد إلى معادن الأرض النادرة والموارد الطبيعية الأخرى في إفريقيا، التي لها أهمية خاصة لاقتصاد الصين والمصالح العسكرية.
ويشمل الصراع على النفوذ والموارد الطبيعية في إفريقيا العديد من البلدان، الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيران وتركيا وغيرها، ورغم حقيقة أن الصين وروسيا وإيران وتركيا متحالفون إلى حد كبير ضد المصالح المؤيدة للغرب، فإن كلا المعسكرين ليسا موحدين بشأن إفريقيا، وكل دولة تسعى لتحقيق مصالحها المستقلة.
فقد تعاونت الولايات المتحدة مع فرنسا في عمليات محدودة لمكافحة الإرهاب ومستوى معين من جمع المعلومات العسكرية في إفريقيا، لكن بخلاف ذلك كانت لدى باريس رؤية قوية جدا لاستمرار النفوذ السياسي في غرب وشمال إفريقيا، في حين كانت الولايات المتحدة أكثر انفصالا.
حيث تسعى الولايات المتحدة حاليا إلى إقامة علاقات فردية مع بعض الدول الإفريقية التي تركز على مصالح محددة، بما في ذلك الأمن، لكن ليس لديها استراتيجية أو رؤية كبرى لزيادة وجودها أو حتى لتحقيق أهدافها الاقتصادية والأمنية، وهذا هو السبب في أن الصين ستهيمن على الأرجح على إفريقيا في السنوات المقبلة، كونها لديها الموارد والإرادة السياسية في القمة لمتابعة أجندتها، وتركز على التأثير الاقتصادي الفعال، وترك النشاط العسكري ومعارك مكافحة الإرهاب للآخرين.
ولهذا الغرض تعتمد الصين على علاقات فعالة مع الحكومات الإفريقية، عبر دعم سخي لتشييد البنى التحتية التي تشتد الحاجة إليها.
النتيجة التي يخلص إليها المراقبون هي أن الغلبة في إفريقيا ستكون للصين، فالغرب، خاصة أميركا وفرنسا، ركزا حصريا على ما يسمى مكافحة الإرهاب والهيمنة السياسية المحدودة، من دون إحداث أي تأثير في مكافحة الإيديولوجيات المتطرفة ومحاربة الفساد، أو إنتاج تأثير اقتصادي إيجابي قابل للتطبيق، نتيجة لذلك طردت فرنسا إلى حد كبير من العديد من دول غرب إفريقيا، وحتى وقت قريب لم تأخذ الولايات المتحدة القضايا الإفريقية على محمل الجد على الإطلاق، لكن هناك لاعب جديد وهو اليابان التي تتطلع بشكل متزايد إلى العودة إلى وضع العالمية من خلال القوة الناعمة ومبادرات الأعمال.