حالات فرضتها ظروف الحرب والمعيشة الصعبة.. هل أصبحنا كثيري النسيان ومهددين بشيخوخة مبكرة أم مكتئبين فقط؟

تشرين – هالة الحلو:
في سياق لجوء عدد لا يستهان به من المواطنين نحو المكملات الغذائية من فيتامينات ومعادن وزيوت سمك وغيرها كتعويض عن نقص الغذاء، فقد انضمت منشطات الذاكرة إلى قائمة المكملات وذلك بذريعة ازدياد النسيان والتشتت الذهني وضعف التركيز لدى الأعمار التي تقل عن الستين عاماً.
ويؤكد العديد من الصيادلة كثرة ابتياع مثل هذه العقاقير (وعلى الأكثر ذات المنشأ النباتي) للوقاية أو منعاً للدخول مبكراً في مرحلة الخرف والعته وما إلى ذلك من تسميات خاصة بأعراض الشيخوخة، هذا ما قاله أحد الزبائن الذي بدا متأكداً ومصراً على أن كثرة الضغوط تشكل مرتعاً خصباً لتلك الأعراض.
في حين يرى أحد الصيادلة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول المكملات حتى لو كانت طبيعية المنشأ نظراً لاحتوائها على سواغات ومنكهات ومواد حافظة وملونات ما قد يؤثر في الكبد والكلى ويتسبب باضطرابات هضمية.
من جانب آخر.. تجدر الإشارة إلى أنه بين وقت وآخر تغيب أنواع معينة (هي الأكثر طلباً) من المكملات عن رفوف الصيدليات وذلك على غرار ما يحدث لسائر العقاقير، ومن ثم تتوافر ولكن بعد رفع أسعارها.
إذاً هل فعلياً أدت تلك السنوات الطوال من الأزمة إلى جملة من الظواهر والأعراض الصحية أو بالأصح ازديادها لدى الفئات غير المتقدمة عمرياً مثل اعتلال الشبكية وارتفاع نسبة الشحوم وازدياد النسيان وعدم التركيز..؟
الدكتور إسماعيل الحسين رئيس برنامج الصحة النفسية في مديرية صحة حمص قال: لا توجد إحصاءات ولا حتى تقديرات عن إصابات مبكرة بالخرف، وبالتالي لا يمكن الحديث عنها كظاهرة، وقد يكون النسيان وضعف التركيز حالات عارضة مرتبطة بمرحلة صعبة يمر بها مجتمع ما.
منوهاً بخطورة تناول منشطات الذاكرة هذه من دون وصفة طبية، ويسري ذلك حتى على المكملات نظراً للتأثيرات الجانبية وغيرها.
مشيراً إلى ما يستحق فعلياً الحديث عنه كظاهرة ليست محلية فقط بل عالمية وهي الاكتئاب، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى تخصيص أحد أيام العام ٢٠١٧ للحديث عن هذا المرض تحت عنوان “الاكتئاب.. دعونا نتحدث عنه”، خاصة أنه قد يصبح خطيراً ومؤدياً للانتحار عندما يكون طويل الأمد، ويقدر عدد المنتحرين سنوياً بما يقارب مليون شخص وخاصة بين الفئات الشابة.
كما أن أقل من نصف المصابين بالاكتئاب يتلقون العلاج وذلك على مستوى العالم.. فكيف بحالنا هنا حيث عدد الأطباء النفسيين في حمص لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة سواء قبل الأحداث أم بعدها؟ في حين لا يوجد أي منهم في مديرية الصحة، ما دفع بالمديرية إلى إقامة دورات بهذا الشأن.
مضيفاً: الاكتئاب هو الأكثر شيوعاً بين المرضى المراجعين للصحة النفسية في حمص، فقد بلغ عددهم الكلي خلال العام الماضي (٩٥١٢) مراجعاً، منهم (٣٥٢٤) حالة اكتئاب، تليها الشكاوى النفسية غير المفسرة إذ بلغ عددها (١١٤٦) شكوى، أما حالات الخرف فعددها (٥٥٧) حالة.
معرّجاً على شأن آخر مهم.. ويمثل العائق الأول أمام تلقي العلاج النفسي، وهو ما يسمى وصمة العار وذلك بسبب الأفكار النمطية الخاطئة والسائدة، بمعنى؛ عدم تقبل المجتمع للمرضى النفسيين وعدم النظر للمرض النفسي كأي مرض جسدي آخر قابل للشفاء، بل على العكس كثيراً ما يتم التنمر على هؤلاء المرضى وتستعمل بحقهم نعوت جارحة مثل.. مجنون، ممسوس، مفصوم، غبي، متخلف عقلياً إلخ.. ما يدفعه للعزلة والانغلاق على مرضه وحرمانه من العلاج ومن الشفاء ومن فرصه في العمل والدراسة إلخ… علماً أن شخصاً بين كل ٧ أشخاص يعاني مشاكل نفسية، كما توجد علاقة تبادلية بين الصحة البدنية والعقلية فقد تؤدي الأمراض القلبية والوعائية للاكتئاب والعكس صحيح.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار